ودعاهم إلى الإسلام: أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " معاذ الله أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني، فأنزل الله في ذلك (ما كان لبشر) الآية ". وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله، فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله، فأنزل الله (ما كان لبشر) الآية ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ربانيين) قال: فقهاء علماء. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: حكماء علماء حلماء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: علماء فقهاء. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: حكماء علماء. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله (وبما كنتم تدرسون) قال: مذاكرة الفقه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله (ولا يأمركم أن تتخذوا) قال: ولا يأمرهم النبي.
قد اختلف في تفسير قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) فقال سعيد بن جبير وقتادة وطاوس والحسن والسدي إنه أخذ الله ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا بالإيمان، ويأمر بعضهم بعضا بذلك فهذا معنى النصرة له والإيمان به، وهو ظاهر الآية، فحاصله أن الله أخذ ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر وينصره وقال الكسائي: يجوز أن يكون معنى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) بمعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين مع النبيين، ويؤيده قراءه ابن مسعود " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب " وقيل في الكلام حذف. والمعنى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا، ودل على هذا الحذف قوله (وأخذتم على ذلكم إصري) و " ما " في قوله (لما آتيناكم) بمعنى الذي. قال سيبويه: سألت الخليل عن قوله (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم) فقال " ما " بمعنى الذي. قال النحاس: التقدير في قول الخليل الذي آتيتكموه ثم حذفت الهاء لطول الاسم، واللام لام الابتداء، وبهذا قال الأخفش، وتكون ما في محل رفع على الابتداء، وخبرها من كتاب وحكمة. وقوله (ثم جاءكم) وما بعده جملة معطوفة على الصلة، والعائد محذوف أي مصدق به. وقال المبرد والزجاج والكسائي: " ما " شرطية دخلت عليها لام التحقيق، كما تدخل على إن، " ولتؤمنن به " جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق، إذ هو بمنزلة الاستحلاف كما تقول: أخذت ميثاقك لتفعلن كذا، وهو ساد مسد الجزاء. وقال الكسائي: إن الجزاء قوله (فمن تولى). وقال في الكشاف: إن اللام في قوله (لما آتيناكم) لام التوطئة واللام في قوله (لتؤمنن) جواب القسم، وما يحتمل أن تكون المتضمنة لمعنى الشرط، ولتؤمنن ساد مسد جواب القسم والشرط جميعا، وأن تكون موصولة بمعنى للذي آتيتكموه لتؤمنن به انتهى وقرأ حمزة " لما آتيتكم " بكسر اللام وما بمعنى الذي وهي متعلقة بأخذ. وقرأ أهل المدينة " آتيناكم " على التعظيم. وقرأ الباقون " آتيتكم " على التوحيد، وقيل إن " ما " في قراءة من قرأ بكسر اللام مصدرية. ومعناه: لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة، ثم لمجئ رسول مصدق لما معكم، واللام لام التعليل: أي لأجل ذلك أخذ