يكون جمعا. قال الله تعالى - أولياؤهم الطاغوت - والجمع الطواغيت: أي فمن يكفر بالشيطان أو الأصنام أو أهل الكهانة ورءوس الضلالة أو بالجميع (ويؤمن بالله) عز وجل بعد ما تميز له الرشد من الغي فقد فاز وتمسك بالحبل الوثيق: أي المحكم. والوثقى فعلى من الوثاقة وجمعها وثق مثل الفضلي والفضل. وقد اختلف المفسرون في تفسير العروة الوثقى بعد اتفاقهم على أن ذلك من باب التشبيه والتمثيل لما هو معلوم بالدليل بما هو مدرك بالحاسة، فقيل المراد بالعروة الإيمان، وقيل الإسلام، وقيل لا إله إلا الله، ولا مانع من الحمل على الجميع. والانفصام:
الانكسار من غير بينونة. قال الجوهري: فصم الشئ كسره من غير أن يبين. وأما القصم بالقاف فهو الكسر مع البينونة، وفسر صاحب الكشاف الانفصام بالانقطاع. قوله (الله ولي الذين آمنوا) الولي فعيل بمعنى فاعل، وهو الناصرا. وقوله (يخرجهم) تفسير للولاية، أو حال من الضمير في ولي، وهذا يدل على أن المراد بقوله " الذين آمنوا " الذين أرادوا الإيمان، لأن من قد وقع منه الإيمان قد خرج من الظلمات إلى النور إلا أن يراد بالإخراج إخراجهم من الشبه التي تعرض للمؤمنين فلا يحتاج إلا تقدير الإرادة، والمراد بالنور في قوله (يخرجونهم من النور إلى الظلمات) ما جاء به أنبياء الله من الدعوة إلى الدين، فإن ذلك نور للكفار أخرجهم أولياؤهم عنه إلى ظلمة الكفر: أي قررهم أولياؤهم على ما هم عليه من الكفر بسبب صرفهم عن إجابة الداعي إلى الله من الأنبياء.
وقيل المراد بالذين كفروا هنا: الذين ثبت في علمه تعالى كفرهم يخرجهم أولياؤهم من الشياطين ورءوس الضلال من النور الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها إلى ظلمات الكفر التي وقعوا فيها بسبب ذلك الإخراج.
وقد أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن سعيد بن جبير نحو ما تقدم عن ابن عباس من ذكر سبب نزول قوله تعالى (لا إكراه في الدين) وزاد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير الأبناء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الشعبي نحوه أيضا، وقال: فلحق بهم: أي ببني النضير من لم يسلم وبقي من أسلم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة فثبتوا على دينهم، فلما جاء الإسلام أراد أهلوهم أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت. وأخرج ابن جرير عن الحسن نحوه. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في قوله (لا إكراه في الدين) قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلا مسلما، فقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فنزلت. وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عبيدة نحوه. وكذلك أخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن السدي نحوه. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة قال:
كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف. قال: ولا تكرهوا اليهود ولا النصارى والمجوس إذا أعطوا الجزية. وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن نحوه. وأخرج البخاري عن أسلم: سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية: أسلمي تسلمي، فأبت، فقال: اللهم اشهد، ثم تلا (لا إكراه في الدين) وروى عنه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم أنه قال لزنبق الرومي غلامه: لو أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين فأبى، فقال (لا إكراه في الدين). وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سليمان بن موسى في قوله (لا إكراه في الدين) قال نسختها - جاهد الكفار والمنافقين -. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال: الطاغوت الشيطان. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الطاغوت الكاهن وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: الطاغوت الساحر. وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال: الطاغوت