الذي يحمل، ومثله - وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم -. والبهتان مأخوذ من البهت: وهو الكذب على البرئ بما ينبهت له ويتحير منه، يقال بهته بهتا وبهتانا: إذا قال عليه ما لم يقل، ويقال بهت الرجل بالكسر: إذا دهش وتحير وبهت بالضم، ومنه - فبهت الذي كفر -، والإثم المبين: الواضح. قوله (ولو فضل الله عليك ورحمته) خطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد بهذا الفضل والرحمة لرسول الله أنه نبهه على الحق في قصة بني أبيرق.
وقيل المراد بهما النبوة والعصمة (لهمت طائفة منهم) أي من الجماعة الذين عضدوا بني أبيرق كما تقدم (أن يضلوك) عن الحق (وما يضلون إلا أنفسهم) لأن وبال ذلك عائد عليهم (وما يضرونك من شئ) لأن الله سبحانه هو عاصمك من الناس، ولأنك عملت بالظاهر ولا ضرر عليك في الحكم به قبل نزول الوحي، والجار والمجرور في محل نصب على المصدرية: أي وما يضرونك شيئا من الضرر. قوله (وأنزل الله عليك الكتاب) قيل هذا ابتداء كلام، وقيل الواو للحال: أي وما يضرونك من شئ حال إنزال الله عليك الكتاب والحكمة، أو مع إنزال الله ذلك عليك. قوله (وعلمك ما لم تكن تعلم) معطوف على أنزل: أي علمك بالوحي ما لم تكن تعلم من قبل (وكان فضل الله عليك عظيما) إذ لا فضل أعظم من النبوة ونزول الوحي.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) الآية. قال: أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته، فمن أذنب ذنبا صغيرا كان أو كبيرا ثم استغفر الله يجد الله غفورا رحيما ولو كانت ذنوبه أعظم من السماوات والأرض والجبال. وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال: من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم استغفر الله غفر له (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله (وعلمك ما لم تكن تعلم) قال: علمه الله بيان الدنيا والآخرة بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه. وأخرج أيضا عن الضحاك قال: علمه الخير والشر، وقد ورد في قبول الاستغفار، وأنه يمحو الذنب أحاديث كثيرة مدونة في كتب السنة.
النجوى: السر بين الاثنين أو الجماعة، تقول ناجيت فلانا مناجاة ونجاء وهم ينتجون ويتناجون، ونجوت فلانا أنجوه نجوى: أي ناجيته، فنجوى مشتقة من نجوت الشئ أنجوه: أي خلصته وأفردته. والنجوة من الأرض المرتفع لانفراده بارتفاعه عما حوله، فالنجوى: المسارة مصدر. وقد تسمى به الجماعة كما يقال قوم عدل، قال الله تعالى - وإذ هم نجوى - فعلى الأول يكون الاستثناء منقطعا: أي لكن من أمر بصدقة، أو متصلا على تقدير إلا نجوى من أمر بصدقة، وعلى الثاني يكون الاستثناء متصلا في موضع خفض على البدل من كثير: أي لا خير في كثير إلا فيمن أمر بصدقة. وقد قال جماعة من المفسرين: إن النجوى كلام الجماعة المنفردة أو الاثنين سواء كان