العرب: شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها، وقيل من قولهم: شرت العسل إذا أخذته من موضعه. قال ابن خوزمنداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدنيا ومشاورة وجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والعمال والوزراء فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. وحكى القرطبي عن ابن عطية أنه لا خلاف في وجوب عزل من لا يستشير أهل العلم والدين. قوله (فإذا عزمت فتوكل على الله) أي إذا عزمت عقب المشاورة على شئ واطمأنت به نفسك فتوكل على الله في فعل ذلك: أي اعتمد عليه وفوض إليه، وقيل إن المعنى: فإذا عزمت على أمر أن تمضي فيه فتوكل على الله لا على المشاورة. والعزم في الأصل قصد الإمضاء: أي فإذا قصدت إمضاء أمر فتوكل على الله. وقرأ جعفر الصادق وجابر بن زيد " فإذا عزمت " بضم التاء بنسبة العزم إلى الله تعالى: أي فإذا عزمت لك على شئ وأرشدتك إليه فتوكل على الله. وقوله (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) جملة مستأنفة لتأكيد التوكل والحث عليه. والخذلان:
ترك العون: أي وإن يترك الله عونكم (فمن ذا الذي ينصركم من بعده) وهذا الاستفهام إنكاري. والضمير في قوله (من بعده) راجع إلى الخذلان المدلول عليه بقوله (وإن يخذلكم) أو إلى الله، ومن علم أنه لا ناصر له إلا الله سبحانه وأن من نصره الله لا غالب له، ومن خذله لا ناصر له، فوض أموره إليه وتوكل عليه ولم يشتغل بغيره، وتقديم الجار والمجرور على الفعل في قوله (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) لإفادة قصره عليه. قوله (وما كان لنبي أن يغل) أي ما صح له ذلك لتنافي الغلول والنبوة. قال أبو عبيد: الغلول من المغنم خاصة، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد، ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغل يغل، ومن الحقد غل يغل بالكسر، ومن الغلول غل يغل بالضم، يقال غل المغنم غلولا: أي خان بأن يأخذ لنفسه شيئا يستره على أصحابه، فمعنى الآية على القراءة بالبناء للفاعل: ما صح لنبي أن يخون شيئا من المغنم فيأخذه لنفسه من غير اطلاع أصحابه، وفيه تنزيه الأنبياء عن الغلول. ومعناها على القراءة بالبناء للمفعول: ما صح لنبي أن يغله أحد من أصحابه: أي يخونه في الغنيمة، وهو على هذه القراءة الأخرى نهي للناس عن الغلول في المغانم، وإنما خص خيانة الأنبياء مع كون خيانة غيرهم من الأئمة والسلاطين والأمراء حراما، لأن خيانة الأنبياء أشد ذنبا وأعظم وزرا (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) أي يأت به حاملا له على ظهره كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيفضحه بين الخلائق، وهذه الجملة تتضمن تأكيد تحريم الغلول والتنفير منه بأنه ذنب يختص فاعله بعقوبة على رؤوس الأشهاد يطلع عليها أهل المحشر وهي مجيئه يوم القيامة بما غله حاملا له قبل أن يحاسب عليه ويعاقب عليه. قوله (ثم توفي كل نفس ما كسبت) أي تعطي جزاء ما كسبت وافيا من خير وشر، وهذه الآية تعم كل من كسب خيرا أو شرا، ويدخل تحتها الغال دخولا أوليا لكون السياق فيه. قوله (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله) الاستفهام للإنكار: أي ليس من اتبع رضوان الله في أوامره ونواهيه فعمل بأمره واجتنب نهيه كمن باء: أي رجع بسخط عظيم كائن من الله بسبب مخالفته لما أمر به ونهى عنه. ويدخل تحت ذلك من اتبع رضوان الله بترك الغلول واجتنابه ومن باء بسخط من الله بسبب إقدامه على الغلول. ثم أوضح ما بين الطائفتين من التفاوت فقال (هم درجات عند الله) أي متفاوتون في الدرجات، والمعنى: هم ذوو درجات، أو لهم درجات، فدرجات من اتبع رضوان الله ليست كدرجات من باء بسخط من الله، فإن الأولين في أرفع الدرجات. والآخرين في أسفلها. قوله (لقد من الله على المؤمنين) جواب قسم محذوف، وخص المؤمنين لكونهم المنتفعين ببعثته. ومعنى (من أنفسهم) أنه عربي مثلهم، وقيل بشر مثلهم، ووجه المنة على الأول: أنهم يفقهون عنه ويفهمون كلامه ولا يحتاجون إلى ترجمان