الحمر على الخيل لئلا ينقطع النسل. قال الإمام أحمد: حدثني محمد بن عبيد حدثنا عمر من آل حذيفة عنه عن الشعبي عن دحية الكلبي قال: قلت يا رسول الله ألا أحمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلا فتركبها؟ قال " إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون ".
وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين (9) لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية نبه على الطرق المعنوية الدينية وكثيرا ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية كقوله تعالى " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " وقال تعالى " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير " ولما ذكر تعالى في هذه السورة الحيوانات من الانعام وغيرها التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والاسفار الشاقة شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه فبين أن الحق منها ما هي موصلة إليه فقال " وعلى الله قصد السبيل " كقوله " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " وقال " قال هذا صراط علي مستقيم " فال مجاهد في قوله " وعلى الله قصد السبيل " قال طريق الحق على الله وقال السدي " وعلى الله قصد السبيل " الاسلام وقال العوفي عن ابن عباس في قوله " وعلى الله قصد السبيل " يقول وعلى الله البيان أي يبين الهدى والضلالة وكذا روى علي بن أبي طلحة عنه وكذا قال قتادة والضحاك وقول مجاهد ههنا أقوى من حيث السياق لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقا تسلك إليه فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق وهي الطريق التي شرعها ورضيها وما عداها مسدودة والأعمال فيها مردودة ولهذا قال تعالى " ومنها جائر " أي حائد مائل زائغ عن الحق قال ابن عباس وغيره: هي الطرق المختلفة والآراء والأهواء المتفرقة كاليهودية والنصرانية والمجوسية وقرأ ابن مسعود " ومنكم جائر " ثم أخبر تعالى أن ذلك كله كائن عن قدرته ومشيئته فقال " ولو شاء لهداكم أجمعين " كما قال تعالى " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " وقال " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ".
هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون (10) ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون (11) لما ذكر تعالى ما أنعم به عليهم من الانعام والدواب شرع في ذكر نعمته عليهم في إنزال المطر من السماء وهو العلو مما لهم فيه بلغة ومتاع لهم ولانعامهم فقال " لكم منه شراب " أي جعله عذبا زلالا يسوغ لكم شرابه ولم يجعله ملحا أجاجا " ومنه شجر فيه تسيمون " أي وأخرج لكم منه شجرا ترعون فيه أنعامكم. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة وابن زيد في قوله فيه تسيمون أي ترعون ومنه الإبل السائمة والسوم: الرعي وروى ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السوم قبل طلوع الشمس وقوله " ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات " أي يخرجها من الأرض بهذا الماء الواحد على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها وأشكالها ولهذا قال " إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " أي دلالة وحجة على أنه لا إله إلا الله كما قال تعالى " أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون " ثم قال تعالى.
وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (12) وما