بالسيف وقيل بأن يمكنني من أخذ أخي " وهو خير الحاكمين " ثم أمرهم أن يخبروا أباهم بصورة ما وقع حتى يكون عذرا لهم عنده ويتنصلوا إليه ويبرؤا مما وقع بقولهم وقوله (وما كنا للغيب حافظين) قال قتادة وعكرمة: ما علمنا أن ابنك يسرق. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما علمنا في الغيب أنه سرق له شيئا إنما سألنا ما جزاء السارق " واسأل القرية التي كنا فيها " قيل المراد مصر قاله قتادة وقيل غيرها " والعير التي أقبلنا فيها " أي التي رافقناها عن صدقنا وأمانتنا وحفظنا وحراستنا " وإنا لصادقون " فيما أخبرناك به من أنه سرق وأخذوه بسرقته.
قال بل سولت لكن أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم (83) وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم (84) قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين (85) قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون (86) قال لهم كما قال لهم حين جاءوا على قميص يوسف بدم كذب " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " قال محمد بن إسحاق لما جاءوا يعقوب وأخبروه بما يجرى اتهمهم فظن أنها كفعلتهم بيوسف قال " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " وقال بعض الناس لما كان صنيعهم هذا مرتبا على فعلهم الأول سحب حكم الأول عليه وصح قوله " بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل " ثم ترجى من الله أن يرد عليه أولاده الثلاثة يوسف وأخاه بنيامين وروبيل الذي أقام بديار مصر ينتظر أمر الله فيه إما أن يرضى عنه أبوه فيأمره بالرجوع إليه وإما أن يأخذ أخاه خفية ولهذا قال " عسى الله أن يأتيني بهم جميعا انه هو العليم " أي العليم بحالي " الحكيم " في أفعاله وقضائه وقدره " وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف " أي أعرض عن بنيه وقال متذكرا حزن يوسف الأول " يا أسفا على يوسف " جدد له حزن الابنين الحزن الدفين، قال عبد الرزاق أنا الثوري عن سفيان العصفري عن سعيد بن جبير أنه قال لم يعط أحد غير هذه الأمة الاسترجاع ألا تسمعون إلى قول يعقوب عليه السلام " يا أسفا على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم " أي ساكت يشكو أمره إلى مخلوق قاله قتادة وغيره.
وقال الضحاك فهو كظيم كئيب حزين.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن داود عليه السلام قال: يا رب إن بني إسرائيل يسألونك بإبراهيم وإسحاق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا فأوحى الله تعالى إليه أن يا داود إن إبراهيم ألقي في النار بسببي فصبر وتلك بلية لم تنلك وإن إسحاق بذل مهجة دمه بسببي فصبر وتلك بلية لم تنلك وإن يعقوب أخذت منه حبيبه فابيضت عيناه من الحزن فصبر وتلك بلية لم تنلك " وهذا مرسل وفيه نكارة فإن الصحيح أن إسماعيل هو الذبيح ولكن علي بن زيد بن جدعان له مناكير وغرائب كثيرة والله أعلم وأقرب ما في هذا أن الأحنف بن قيس رحمه الله حكاه عن بعض بني إسرائيل ككعب ووهب ونحوهما والله أعلم. فإن بني إسرائيل ينقلون أن يعقوب كتب إلى يوسف لما احتبس أخاه بسبب السرقة يتلطف له في رد ابنه ويذكر له أنهم أهل بيت مصابون بالبلاء فإبراهيم ابتلي بالنار وإسحاق بالذبح ويعقوب بفراق يوسف في حديث طويل لا يصح والله أعلم فعند ذلك رق له بنوه وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه " تالله تفتؤا تذكر يوسف " أي لا تفارق تذكر يوسف " حتى تكون حرضا " أي ضعيف القوة " أو تكون من الهالكين " يقولون إن استمر بك هذا الحال خشينا عليك الهلاك والتلف " قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله " أي أجابهم عما قالوا بقوله " إنما أشكو بثي وحزني " أي همي وما أنا فيه " إلى الله " وحده " وأعلم من الله ما لا تعلمون " أي أرجو منه كل خير وعن ابن عباس " وأعلم من الله ما لا تعلمون " يعني رؤيا يوسف أنها صدق وأن الله لا بد أن يظهرها وقال العوفي عنه في الآية: أعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني سوف أسجد له