أبي حاتم: ذكر عن ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وامرأة كتب ملكا: وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقال ابن جرير: حدثنا الزبير بن بكار حدثنا أبو ضمرة - أنس بن عياض - سمعت زيد بن أسلم يقول: وجعلكم ملوكا فلا أعلم إلا أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان له بيت وخادم فهو ملك " وهذا مرسل غريب وقال مالك: بيت وخادم وزوجة وقد ورد في الحديث من أصبح منكم معافى في جسده آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ".
وقوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " يعني عالمي زمانكم فإنهم كانوا أشرف الناس في زمانهم من اليونان والقبط وسائر أصناف بني آدم كما قال " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين " وقال تعالى إخبارا عن موسى لما قالوا اجعل لنا إلها كما لهم إله " قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون * قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين " والمقصود أنهم كانوا أفضل زمانهم وإلا فهذه الأمة أشرف منهم وأفضل عند الله وأكمل شريعة وأقوم منهاجا وأكرم نبيا وأعظم ملكا وأغزر أرزاقا وأكثر أموالا وأولادا وأوسع مملكة وأدوم عزا قال الله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " وقد ذكرنا الأحاديث المتواترة في فضل هذه الأمة وشرفها وكرمها عند الله عند قوله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس " من سورة آل عمران وروى ابن جرير عن ابن عباس وأبي مالك وسعيد بن جبير أنهم قالوا في قوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم فكأنهم أرادوا أن هذا الخطاب في قوله " وآتاكم ما لم يؤت أحدا " مع هذه الأمة والجمهور على أنه خطاب من موسى لقومه وهو محمول على عالمي زمانهم كما قدمنا وقيل المراد وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يعني بذلك ما كان تعالى نزله عليهم من المن والسلوى ويظللهم به من الغمام وغير ذلك مما كان تعالى يخصهم به من خوارق العادات فالله أعلم. ثم قال تعالى مخبرا عن تحريض موسى عليه السلام لبني إسرائيل على الجهاد والدخول إلى بيت المقدس الذي كان بأيديهم في زمان أبيهم يعقوب لما ارتحل هو وبنوه وأهله إلى بلاد مصر أيام يوسف عليه السلام ثم لم يزالوا بها حتى خرجوا مع موسى فوجدوا فيها قوما من العمالقة الجبارين قد استحوذوا عليها وتملكوها فأمرهم رسول الله - موسى عليه السلام - بالدخول إليها وبقتال أعدائهم وبشرهم بالنصرة والظفر عليهم فنكلوا وعصوا وخالفوا أمره فعوقبوا بالذهاب في التيه والتمادي في سيرهم حائرين لا يدرون كيف يتوجهون إلى مقصد مدة أربعين سنة عقوبة لهم على تفريطهم في أمر الله تعالى فقال تعالى مخبرا عن موسى أنه قال: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة " أي المطهرة وقال سفيان الثوري: عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله: " ادخلوا الأرض المقدسة " قال هي الطور وما حوله وكذا قال مجاهد وغير واحد. وروى سفيان الثوري عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس قال: هي أريحاء وكذا ذكر عن غير واحد من المفسرين وفي هذا نظر لان أريحاء ليست هي المقصودة بالفتح ولا كانت في طريقهم إلى بيت المقدس وقد قدموا من بلاد مصر حين أهلك الله عدوهم فرعون اللهم إلا أن يكون المراد بأريحاء أرض بيت المقدس كما قاله السدي فيما رواه ابن جرير عنه: لا أن المراد بها هذه البلدة المعروفة في طرف الطور شرقي بيت المقدس وقوله تعالى " التي كتب الله لكم " أي التي وعدكموها الله على لسان أبيكم إسرائيل أنه وراثة من آمن منكم " ولا ترتدوا على أدباركم " أي ولا تنكلوا عن الجهاد " فتنقلبوا خاسرين * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون " أي اعتذروا بأن في هذه البلدة التي أمرتنا بدخولها وقتال أهلها قوما جبارين أي ذوي خلق هائلة وقوى شديدة وإننا لا نقدر على مقاومتهم ولا مصاولتهم ولا يمكننا الدخول إليها ما داموا فيها فإن يخرجوا منها دخلناها وإلا فلا طاقة لنا بهم. وقد قال ابن جرير:
حدثني عبد الكريم بن الهيثم حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان قال: قال أبو سعيد قال عكرمة عن ابن عباس قال: أمر موسى أن يدخل مدينة الجبارين قال: فسار موسى بمن معه حتى نزل قريبا من المدينة وهي أريحاء فبعث إليهم اثنا عشر عينا من كل سبط منهم عين ليأتوه بخبر القوم قال فدخلوا المدينة فرأوا أمرا