بينهما بأن يكون في رجليه خفان وعليهما نعلان وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن شعبة حدثني يعلى عن أبيه عن أوس بن أبي أوس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه ثم قام إلى الصلاة. وقد رواه أبو داود عن مسدد وعباد بن موسى كلاهما عن هشيم عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبي أوس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال وتوضأ ومسح على نعليه وقدميه وقد رواه ابن جرير من طريق شعبة ومن طريق هشيم ثم قال: وهذا محمول على أنه توضأ كذلك وهو غير محدث إذ كان غير جائز أن تكون فرائض الله وسنن رسوله متنافية متعارضة وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم الامر بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء بالنقل المستفيض القاطع عذر من انتهى إليه وبلغه ولما كان القرآن آمرا بغسل الرجلين كما في قراءة النصب وكما هو الواجب في حمل قراءة الخفض عليه توهم بعض السلف أن هذه الآية ناسخة لرخصة المسح على الخفين وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب ولكن لم يصح إسناده ثم الثابت عنه خلافه وليس كما زعموه فإنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد نزول هذه الآية الكريمة وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا زياد بن عبد الله بن علاثة عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن مجاهد عن جرير بن عبد الله البجلي قال: أنا أسلمت بعد نزول المائدة وأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بعدما أسلمت. تفرد به أحمد وفي الصحيحين من حديث الأعمش عن إبراهيم عن همام قال: بال جرير ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل تفعل هذا؟ فقال نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه قال الأعمش: قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث لان إسلام جرير كان بعد نزول المائدة - لفظ مسلم -. وقد ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروعية المسح على الخفين قولا منه وفعلا كما هو مقرر في كتاب الأحكام الكبير مع ما يحتاج إلى ذكره هناك من تأقيت المسح أو عدمه أو التفصيل فيه كما هو مبسوط في موضعه وقد خالفت الروافض في ذلك بلا مستند بل بجهل وضلال مع أنه ثابت في صحيح مسلم من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما ثبت في الصحيحين عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن نكاح المتعة وهم يستبيحونها وكذلك هذه الآية الكريمة دالة على وجوب غسل الرجلين مع ما ثبت بالتواتر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على وفق ما دلت عليه الآية الكريمة وهم مخالفون لذلك كله وليس لهم دليل صحيح في نفس الامر ولله الحمد وهكذا خالفوا الأئمة والسلف في الكعبين اللذين في القدمين فعندهم أنهما في ظهر القدم فعندهم في كل رجل كعب وعند الجمهور أن الكعبين هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم قال الربيع: قال الشافعي: لم أعلم مخالفا في أن الكعبين اللذين ذكرهما الله في كتابه في الوضوء هما الناتئان وهما مجمع مفصل الساق والقدم هذا لفظه فعند الأئمة رحمهم الله في كل قدم كعبان كما هو المعروف عند الناس وكما دلت عليه السنة ففي الصحيحين من طريق حمران عن عثمان أنه توضأ فغسل رجله اليمنى إلى الكعبين واليسرى مثل ذلك.
وروى البخاري تعليقا مجزوما به وأبو داود وابن خزيمة في صحيحه من رواية أبي القاسم الحسيني ابن الحرث الجدلي عن النعمان بن بشير قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه قال: " أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم " قال: فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه وركبته بركبة صاحبه ومنكبه بمنكبه.
لفظ ابن خزيمة فليس يمكن أن يلزق كعبه بكعب صاحبه إلا والمراد به العظم الناتئ في الساق حتى يحاذي كعب الآخر فدل ذلك على ما ذكرناه من أنهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم كما هو مذهب أهل السنة وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن موسى أخبرنا شريك عن يحيى بن الحرث التيمي يعني الخابر قال: نظرت في قتلى أصحاب زيد فوجدت الكعب فوق ظهر القدم وهذه عقوبة عوقب بها الشيعة بعد قتلهم تنكيلا بهم في مخالفتهم الحق وإصرارهم عليه. وقوله تعالى " وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " كل ذلك قد تقدم الكلام عليه في تفسير آية النساء فلا حاجة بنا إلى إعادته لئلا يطول الكلام. وقد ذكرنا سبب نزول آية التيمم هناك لكن البخاري