كعب أحدهم مثل موضع الدرهم أو موضع الظفر لم يمسه الماء فقال: " ويل للأعقاب من النار " قال فجعل الرجل إذا رأى في عقبه شيئا لم يصبه الماء أعاد وضوءه. ووجه الدلالة من هذه الأحاديث ظاهرة وذلك أنه لو كان فرض الرجلين مسحهما أو أنه يجوز ذلك فيهما لما توعد على تركه لان المسح لا يستوعب جميع الرجل بل يجري فيه ما يجري في مسح الخف وهكذا وجه هذه الدلالة على الشيعة الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى. وقد روى مسلم في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر عن عمر بن الخطاب أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " ارجع فأحسن وضوءك " وقال الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب حدثنا جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة قال: حدثنا أنس بن مالك أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ارجع فأحسن وضوءك " وهكذا رواه أبو داود عن هارون بن معروف وابن ماجة عن حرملة بن يحيى كلاهما عن ابن وهب به وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات لكن قال أبو داود: ليس هذا الحديث بمعروف لم يروه إلا ابن وهب وحدثنا موسى حدثنا حماد أخبرنا يونس وحميد عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث قتادة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس حدثنا بقية حدثني يحيى بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفى ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء ورواه أبو داود من حديث بقية وزاد والصلاة وهذا إسناد جيد قوي صحيح والله أعلم.
وفي حديث حمران عن عثمان في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل بين أصابعه وروى أهل السنن من حديث إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء فقال: " أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ".
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقري حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا شداد بن عبد الله الدمشقي قال: قال أبو أمامة حدثنا عمرو بن عبسة قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: " ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق وينتثر إلا خرت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء حين ينتثر ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أطراف أنامله ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " قال أبو أمامة: يا عمرو انظر ما تقول سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعطي هذا الرجل كله في مقامه؟ فقال عمرو بن عبسة: يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي وما بي حاجة أن أكذب على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا لقد سمعته سبع مرات أو أكثر من ذلك. وهذا إسناد صحيح وهو في صحيح مسلم من وجه آخر وفيه ثم يغسل قدميه كما أمره الله فدل على أن القرآن يأمر بالغسل وهكذا روى أبو إسحق السبيعي عن الحرث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: " اغسلوا القدمين إلى الكعبين كما أمرتم " ومن ههنا يتضح لك المراد من حديث عبد خير عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قدميه الماء وهما في النعلين فدلكهما إنما أراد غسلا خفيفا وهما في النعلين ولا مانع من إيجاد الغسل والرجل في نعلها ولكن في هذا رد على المتعمقين والمتنطعين من الموسوسين. وهكذا الحديث الذي أورده ابن جرير على نفسه وهو من روايته عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه. وهو حديث صحيح. وقد أجاب ابن جرير عنه بأن الثقات الحفاظ رووه عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: فبال قائما ثم توضأ ومسح على خفيه قلت ويحتمل الجمع