معناه تماما على إحسان الله زيادة على ما أحسن إليه حكاه ابن جرير والبغوي ولا منافاة بينه وبين القول الأول وبه جمع ابن جرير كما بيناه ولله الحمد وقوله تعالى " وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة " فيه مدح لكتابه الذي أنزله الله عليه " لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون " فيه الدعوة إلى اتباع القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره والعمل به والدعوة إليه ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة لأنه حبل الله المتين.
أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين (156) أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون (57) قال ابن جرير معناه وهذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا " إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا " يعني لينقطع عذركم كقوله تعالى " ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك " الآية.
وقوله تعالى " على طائفتين من قبلنا " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هم اليهود والنصارى وكذا قال مجاهد والسدي وقتادة وغير واحد وقوله " وإن كنا عن دراستهم لغافلين " أي وما كنا نفهم ما يقولون لانهم ليسوا بلساننا ونحن في غفلة وشغل مع ذلك عما هم فيه وقوله " أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم " أي وقطعنا تعللكم أن تقولوا لو أنا أنزل علينا ما أنزل عليهم لكنا أهدى منهم فيما أوتوه كقوله " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم " الآية. وهكذا قال ههنا " فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة " يقول فقد جاءكم من الله على لسان محمد صلى الله عليه وآله وسلم النبي العربي قرآن عظيم فيه بيان للحلال والحرام وهدى لما في القلوب ورحمة من الله بعباده الذين يتبعونه ويقتفون ما فيه وقوله تعالى " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها " أي لم ينتفع بما جاء به الرسول ولا اتبع ما أرسل به ولا ترك غيره بل صدف عن اتباع آيات الله أي صرف الناس وصدهم عن ذلك قاله السدي وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة وصدف عنها أعرض عنها وقول السدي ههنا فيه قوة لأنه قال " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها " كما تقدم في أول السورة " وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم " وقال تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب " وقال في هذه الآمة الكريمة " سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون " وقد يكون المراد فيما قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها " أي لا آمن بها ولا عمل بها كقوله تعالى " فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى " وغير ذلك من الآيات الدالة على اشتمال الكافر على التكذيب بقلبه وترك العمل بجوارحه ولكن كلام السدي أقوى وأظهر والله أعلم لان الله قال " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها " كقوله تعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ".
هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون (158) يقول تعالى متوعدا للكافرين به والمخالفين لرسله والمكذبين بآياته والصادين عن سبيله " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك " وذلك كائن يوم القيامة " أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا