ليمكروا فيها " قال سلطنا شرارهم فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب. وقال مجاهد وقتادة " أكابر مجرميها " عظماؤها قلت: وهكذا قوله تعالى " وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون * وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين " وقال تعالى " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " والمراد بالمكر ههنا دعاؤهم إلى الضلالة بزخرف من المقال والفعال كقوله تعالى إخبارا عن قوم نوح " ومكروا مكرا كبارا " وكقوله تعالى " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا " الآية وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان قال: كل مكر في القرآن فهو عمل وقوله تعالى " وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون " أي وما يعود وبال مكرهم ذلك وإضلالهم من أضلوه إلا على أنفسهم كما قال تعالى " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " وقال " ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ". وقوله تعالى " وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله " أي إذا جاءتهم آية وبرهان وحجة قاطعة قالوا " لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله " أي حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة كما تأتي إلى الرسل كقوله جل وعلا " وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا " الآية وقوله " الله أعلم حيث يجعل رسالته " أي هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه كقوله تعالى " وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم * أهم يقسمون رحمة ربك " الآية يعنون لولا نزل هذا القرآن على رجل عظيم كبير جليل مبجل في أعينهم " من القريتين " أي من مكة والطائف وذلك أنهم قبحهم الله كانوا يزدرون بالرسول صلوات الله وسلامه عليه بغيا وحسدا وعنادا واستكبارا كقوله تعالى مخبرا عنه " وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا " وقال تعالى " وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون " وقال تعالى " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " هذا وهم معترفون بفضله وشرفه ونسبه وطهارة بيته ومرباه ومنشئه صلى الله وملائكته والمؤمنون عليه حتى أنهم كانوا يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه الأمين " وقد اعترف بذلك رئيس الكفار أبو سفيان حين سأله هرقل ملك الروم وكيف نسبه فيكم؟ قال هو فينا ذو نسب قال هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال لا - الحديث بطوله الذي استدل ملك الروم بطهارة صفاته عليه السلام على صدق نبوته وصحة ما جاء به وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن شداد أبي عمار عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة واصطفى من بنى كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاثسم " انفرد بإخراجه مسلم من حديث الأوزاعي وهو عبد الرحمن بن عمرو إمام أهل الشام به نحوه. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه " وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال: قال العباس بلغه صلى الله عليه وسلم بعض ما يقو الناس فصعد المنبر فقال " من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله فقال " أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه وجعلهم فريقين فجعلني في خير فرقة وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا " صدق صلوات الله وسلامه عليه وفي الحديث أيضا المروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال لي جبريل قلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد رجلا أفضل من محمد وقلبت الأرض
(١٧٩)