عليه غيره فهذا هو الشرك كقوله تعالى " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " الآية. وقد روى الترمذي في تفسيرها عن عدي بن حاتم أنه قال: يا رسول الله ما عبدوهم فقال " بلى إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم ".
أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون (122) هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن الذي كان ميتا أي في الضلالة هالكا حائرا فأحياه الله أي أحيا قلبه بالايمان وهداه له ووفقه لاتباع رسله " وجعلنا له نورا يمشي به في الناس " أي يهتدي كيف يسلك وكيف يتصرف به والنور هو القرآن كما رواه العوفي وابن أبي طلحة عن ابن عباس وقال السدي: الاسلام والكل صحيح " كمن مثله في الظلمات " أي الجهالات والأهواء والضلالات المتفرقة " ليس بخارج منها " أي لا يهتدي إلى منفذ ولا مخلص مما هو فيه وفي مسند الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " كما قال تعالى " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " وقال تعالى " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم " وقال تعالى " مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون " وقال تعالى " وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الاحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور * إن أنت إلا نذير " والآيات في هذا كثيرة ووجه المناسبة في ضرب المثلين ههنا بالنور والظلمات ما تقدم في أول السورة " وجعل الظلمات والنور " وزعم بعضهم أن المراد بهذا المثل رجلان معينان فقيل عمر بن الخطاب هو الذي كان ميتا فأحياه الله وجعل له نورا يمشي به في الناس وقيل عمار بن ياسر. وأما الذي في الظلمات ليس بخارج منها أبو جهل عمرو بن هشام لعنه الله. والصحيح أن الآية عامة يدخل فيها كل مؤمن وكافر.
وقوله تعالى " كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " أي حسنا لهم ما كانوا فيه من الجهالة والضلالة قدرا من الله وحكمة بالغة لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
وكذلك جعلنا في كل قرية أكبر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون (123) وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون (124) يقول تعالى: وكما جعلنا في قريتك يا محمد أكابر من المجرمين ورؤساء ودعاة إلى الكفر والصد عن سبيل الله وإلى مخالفتك وعداوتك كذلك كانت الرسل من قبلك يبتلون بذلك ثم تكون لهم العاقبة كما قال تعالى " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين " الآية وقال تعالى " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها " الآية قيل معناه أمرناهم بالطاعة فخالفوا فدمرناهم وقيل أمرناهم أمرا قدريا كما قال ههنا " ليمكروا فيها " وقوله تعالى " أكابر مجرميها ليمكروا فيها " قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس " أكابر مجرميها