قوله تعالى: * (ونقلبهم) * وقرأ الحسن وأبو رجاء: " وتقلبهم " بتاء مفتوحة، وسكون القاف، وتخفيف اللام المكسورة. وقرأ أبو الجوزاء، وعكرمة: " ونقلبهم " مثلها، إلا أنه بالنون. * (ذات اليمين) * أي: على أيمانهم وعلى شمائلهم. قال ابن عباس: كانوا يقلبون في كل عام مرتين، ستة أشهر على هذا الجنب، وستة أشهر على هذا الجنب، لئلا تأكل الأرض لحومهم. وقال مجاهد: كانوا ثلاثمائة عام على شق واحد، ثم قلبوا تسع سنين.
قوله تعالى: * (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) * أخبر أن الكلب كان على مثل حالهم في النوم، وهو في رأي العين منتبه. وفي الوصيد أربعة أقوال:
أحدها: أنه الفناء فناء الكهف، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والفراء. قال الفراء: يقال: الوصيد والأصيد لغتان، مثل الإكفاف والوكاف. وأرخت الكتاب وورخت، ووكدت الأمر وأكدت; وأهل الحجاز يقولون:
الوصيد، وأهل نجد يقولون: الأصيد، وهو: الحظيرة والفناء.
والثاني: أنه الباب، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال السدي، قال ابن قتيبة:
فيكون المعنى: وكلبهم باسط ذراعيه بالباب، قال الشاعر:
- بأرض فضاء لا يسد وصيدها * على ومعروفي بها غير منكر - والثالث: أنه الصعيد، وهو التراب، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، ومجاهد في رواية عنهما.
والرابع: أنه عتبة الباب، قاله عطاء. قال ابن قتيبة: وهذا أعجب إلي، لأنهم يقولون:
أوصد بابك، أي: أغلقه، ومنه قوله تعالى: * (إنها عليهم مؤصدة) *، أي: مطبقة مغلقة، وأصله أن يلصق الباب بالعتبة، إذا جعلت الكلب بالفناء، كان خارجا من الكهف، وإن جعلته بعتبة الباب، أمكن أن يكون داخل الكهف، والكهف وإن لم يكن له باب وعتبة، فإنما أراد أن الكلب بموضع العتبة من البيت، فاستعير.
قوله تعالى: * (لو اطلعت عليهم) * وقرأ الأعمش، وأبو حصين: لو اطلعت بضم الواو [أي لو أشرفت عليهم] * (لوليت منهم فرارا) * رهبة لهم * (ولملئات) * قرأ عاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " ولملئت " خفيفة مهموزة. وقرأ ابن كثير، ونافع: " ولملئت " مشددة مهموزة، * (رعبا) *: أي فزعا وخوفا، وذلك أن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يدخل إليهم