حريز، قد هيئ لاستقراره فيه. وقد شرحنا في سورة (الحج) معنى النطفة والعلقة والمضغة.
قوله تعالى: * (فخلقنا المضغة عظاما) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: " عظاما فكسونا العظام " على الجمع. وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: " عظما فكسونا العظم " على التوحيد.
قوله تعالى: * (ثم أنشأناه خلقا آخر) * وهذه الحالة السابعة. قال علي رضي الله عنه لا تكون موءودة حتى تمر على التارات السبع.
وفي محل هذا الإنشاء قولان:
أحدهما: أنه بطن الأم. ثم في صفة الإنشاء قولان:
أحدهما: أنه نفخ الروح فيه، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال أبو العالية، والشعبي، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك في آخرين. والثاني: أنه جعله ذكرا أو أنثى، قاله الحسن.
والقول الثاني: أنه بعد خروجه من بطن أمه. ثم في صفة هذا الإنشاء أربعة أقوال:
أحدها: أن ابتداء ذلك الإنشاء أنه استهل، ثم دل على الثدي، وعلم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى، إلى أن فطم، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن تقلب في البلاد، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنه استواء الشباب، قاله ابن عمر، ومجاهد.
والثالث: أنه خروج الأسنان والشعر، قاله الضحاك، فقيل له: أليس يولد وعلى رأسه الشعر؟ فقال: وأين العانة والإبط؟.
والرابع: أنه إعطاء العقل والفهم، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: * (فتبارك الله) * أي: استحق التعظيم والثناء. وقد شرحنا معنى " تبارك " في (الأعراف) * (أحسن الخالقين) * أي: المصورين والمقدرين. والخلق في اللغة: التقدير. وجاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وعنده عمر، إلى قوله تعالى: * (خلقا آخر) *، فقال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد ختمت بما تكلمت به يا ابن الخطاب ".
فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: * (أحسن الخالقين) * وقوله: * (هل من خالق غير الله) *.