آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون " 43 " بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون " 44 " قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون " 45 " قوله تعالى: * (قل من يكلؤكم) * المعنى: قل لهؤلاء المستعجلين بالعذاب: من يحفظكم من بأس الرحمن إن أراد إنزاله بكم؟ وهذا استفهام إنكار، أي: لا أحد يفعل ذلك، * (بل هم عن ذكر ربهم) * أي: عن كلامه ومواعظه * (معرضون) * لا يتفكرون ولا يعتبرون. * (أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا) * فيه تقديم وتأخير، وتقديره: أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم؟ وهاهنا تم الكلام. ثم وصف آلهتهم بالضعف، فقال: * (لا يستطيعون نصر أنفسهم) * والمعنى: من لا يقدر على نصر نفسه عما يراد به، فكيف ينصر غيره؟!
قوله تعالى: * (ولا هم) * في المشار إليهم قولان:
أحدهما: أنهم الكفار، وهو قول ابن عباس.
والثاني: أنهم الأصنام، قاله قتادة.
وفي معنى * (يصحبون) * أربعة أقوال:
أحدها: يجارون، رواه العوفي عن ابن عباس. قال ابن قتيبة: والمعنى: لا يجيرهم منا أحد، لأن المجير صاحب لجاره.
والثاني: يمنعون، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثالث: ينصرون، قاله مجاهد.
والرابع: لا يصحبون بخير، قاله قتادة.
ثم بين اغترارهم بالإهمال، فقال: * (بل متعنا هؤلاء وآباءهم) * يعني: أهل مكة * (حتى طال عليهم العمر) * فاغتروا بذلك، * (أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * قد شرحناه في الرعد * (أفهم الغالبون) * أي: مع هذه الحال، وهو نقص الأرض، والمعنى: ليسوا بغالبين، ولكنهم المغلوبون. * (قل إنما أنذركم) * أي: أخوفكم * (بالوحي) * أي: بالقرآن، والمعنى: إنني ما جئت به من تلقاء نفسي، إنما أمرت فبلغت. * (ولا يسمع الصم الدعاء) * وقرأ ابن عامر: " ولا تسمع " بالتاء مضمومة " الصم " نصبا. وقرأ ابن يعمر، والحسن: " ولا يسمع " بضم الياء وفتح الميم " الصم " بضم الميم. شبه الكفار بالصم الذين لا يسمعون نداء مناديهم; ووجه التشبيه أن هؤلاء لم