أحدها: اختبرناك اختبارا، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أخلصناك إخلاصا، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
والثالث: ابتليناك ابتلاء، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة.
وقال الفراء: ابتليناك بغم القتيل ابتلاء. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الفتون:
وقوعه في محنة بعد محنة خلصه الله منها، أولها أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال، ثم إلقاؤه في البحر، ثم منعه الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جره لحية فرعون حتى هم بقتله، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة، ثم قتله القبطي، ثم خروجه إلى مدين خائفا; وكان ابن عباس يقص هذه القصص على سعيد بن جبير، ويقول له عند كل بلية: وهذا من الفتون يا ابن جبير; فعلى هذا يكون معنى " فتناك " خلصناك من تلك المحن كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبث. والفتون: مصدر.
قوله تعالى: * (فلبثت سنين) * تقدير الكلام: فخرجت إلى أهل مدين. ومدين: بلد شعيب، وكان على ثمان مراحل من مصر، فهرب إليه موسى. وقيل: مدين: اسم رجل، وقد سبق هذا.
وفي قدر لبثه هناك قولان:
أحدهما: عشر سنين، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: ثمان وعشرون سنة، عشر منهن مهر امرأته، وثمان عشرة أقام حتى ولد له، قاله وهب.
قوله تعالى: * (ثم جئت على قدر) * أي: جئت لميقات قدرته لمجيئك قبل خلقك، وكان ذلك على رأس أربعين سنة، وهو الوقت الذي يوحى فيه إلى الأنبياء، هذا قول الأكثرين. وقال الفراء: " على قدر " أي: على ما أراد الله به من تكليمه.
قوله تعالى: * (واصطنعتك لنفسي) * أي: اصطفيتك واختصصتك، والاصطناع: اتخاذ الصنيعة، وهو الخير تسديه إلى إنسان. وقال ابن عباس: اصطفيتك لرسالتي ووحيي * (اذهب أنت وأخوك بآياتي) * وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها العصا واليد. وقد يذكر الاثنان بلفظ الجمع.