إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري " 14 " إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى " 15 " فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى " 16 " قوله تعالى: * (وهل أتاك حديث موسى) * هذا استفهام تقرير، ومعناه: قد أتاك. قال ابن الأنباري: وهذا معروف عند اللغويين أن تأتي " هل " معبرة عن " قد "، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب: " اللهم هل بلغت "، يريد: قد بلغت.
قال وهب بن منبه: استأذن موسى شعيبا [عليهما السلام] في الرجوع إلى والدته، فإذن له، فخرج بأهله، فولد له في الطريق في ليلة شاتية، فقدح فلم يرو الزناد، فبينا هو في مزاولته ذلك، أبصرا نارا من بعيد عن يسار الطريق; وقد ذكرنا هذا الحديث بطولة في كتاب " الحدائق " فكر هنا إطالة التفسير بالقصص، لأن غرضنا الاقتصار على التفسير ليسهل حفظه، قال المفسرون:
رأى نورا، ولكن أخبر بما كان في ظن موسى. * (فقال لأهله) * يعنى: امرأته * (امكثوا) * بضم الهاء هاهنا وفي القصص * (إني آنست نارا) * قال الفراء: إني وجدت، يقال: هل آنست أحدا، أي:
وجدت؟ وقال ابن قتيبة: " آنست " بمعنى أبصرت. فأما القبس، فقال الزجاج: هو ما أخذته من النار في رأس عود أو في رأس فتيلة.
قوله تعالى: * (أو أجد على النار هدى) * قال الفراء: أراد: هاديا، فذكره بلفظ المصدر، قال ابن الأنباري: يجوز أن تكون " على " هاهنا بمعنى " عند "، وبمعنى " مع "، وبمعنى الباء. وذكر أهل التفسير أنه كان قد ضل الطريق، فعلم أن النار لا تخلو من موقد. وحكى الزجاج: أنه ضل عن الماء، فرجا أن يجد من يهديه الطريق أو يدله على الماء.
قوله تعالى: * (فلما أتاها) * يعني: النار * (نودي يا موسى إني أنا ربك) * إنما كرر الكناية، لتوكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإزالة الشبهة، ومثله * (إني أنا النذير المبين) *. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: " أني " بفتح الألف والياء. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي:
" إني " بكسر الألف، إلا أن نافعا فتح الياء، قال الزجاج: من قرأ: " أني أنا " بالفتح،