إليه أن كلموه. وكان عيسى قد كلمها حين أتت به قومها وقال: يا أماه أبشري فإني عبد الله ومسيحه، فلما أشارت أن كلموه، تعجبوا من ذلك، و * (قالوا كيف نكلم من كان) * وفيها أربعة أقوال:
أحدها: أنها زائدة، فالمعنى: كيف نكلم صبيا في المهد؟!
والثاني: أنها في معنى: وقع، وحدث.
والثالث: أنها في معنى الشرط والجزاء، فالمعنى: من يكن في المهد صبيا، فكيف نكلمه؟!
حكاها الزجاج واختار الأخير منها، قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: كيف أعظ من كان لا يقبل موعظتي؟! أي: من يكن لا يقبل، والماضي يكون بمعنى المستقبل في الجزاء.
والرابع: أن " كان " بمعنى صار، قاله قطرب.
وفي المراد بالمهد قولان:
أحدهما: حجرها، قال نوف، وقتادة، والكلبي.
والثاني: سرير الصبي المعروف، حكاه الكلبي أيضا.
قال السدي: فلما سمع عيسى كلامهم، لم يزد على أن ترك الرضاع، وأقبل عليهم بوجهه، فقال: إني عبد الله، قال المفسرون: إنما قدم ذكر العبودية، ليبطل قول من ادعى فيه الربوبية.
وفي قوله: * (آتاني الكتاب) * أسكن هذه الياء حمزة. وفي معنى الآية قولان:
أحدهما: أنه آتاه الكتاب وهو في بطن أمه، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وقيل: علم التوراة والإنجيل وهو في بطن أمه.
والثاني: قضى أن يؤتيني الكتاب، قاله عكرمة.
وفي " الكتاب " قولان.
أحدهما: أنه التوراة.
والثاني: الإنجيل.
قوله تعالى: * (وجعلني نبيا) * هذا وما بعده إخبار عما قضى الله له وحكم له به ومنحه إياه مما سيظهر ويكون. قيل: المعنى: يؤتيني الكتاب ويجعلني نبيا إذا بلغت; فحل الماضي محل المستقبل، كقوله تعالى: * (وإذ قال الله يا عيسى) *.
وفي وقت تكليمه لهم قولان:
أحدهما: أنه كلمهم بعد أربعين يوما.
والثاني: في يومه. وهو مبني على ما ذكرنا من الزمان الذي غابت عنهم فيه مريم.