قوله تعالى: * (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي) * سبب نزولها أنه لما نزل قوله تعالى: * (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * قالت اليهود: كيف وقد أوتينا التوراة وفيها علم كل شئ؟
فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. ومعنى الآية: لو كان ماء البحر مدادا يكتب به.. قال مجاهد:
والمعنى: لو كان البحر مدادا للقلم، والقلم يكتب. وقال ابن الأنباري: سمي المداد مدادا لإمداده الكاتب، وأصله من الزيادة ومجئ الشئ بعد الشئ. وقرأ الحسن، والأعمش: " مددا لكلمات ربي " بغير ألف.
قوله تعالى: * (قبل أن تنفد كلمات ربي) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم:
" تنفد " بالتاء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: " ينفد " بالياء. قال أبو علي: التأنيث أحسن، لأن المسند إليه الفعل مؤنث، والتذكير حسن، لأن التأنيث ليس بحقيقي، وإنما لم تنفد كلمات الله، لأن كلامه صفة من صفات ذاته، ولا يتطرق على صفاته النفاد، * (ولو جئنا بمثله) * أي: بمثل البحر * (مددا) * أي: زيادة; والمدد: كل شئ زاد في شئ.
فإن قيل: لم قال في أول الآية: " مدادا " وفي آخرها: " مددا " وكلاهما بمعنى واحد، اشتقاقهما غير مختلف؟
فقد أجاب عنه ابن الأنباري فقال: لما كان الثاني آخر آية، وأواخر الآيات هاهنا أتت على الفعل، والفعل، كقوله تعالى: " نزلا " " هزوا " " حولا " كان قوله: " مددا " أشبه بهؤلاء الألفاظ من المداد، واتفاق المقاطع عند أواخر الآي، وانقضاء الآيات، وتمام السجع والنثر، أخف على الألسن، وأحلى موقعا في الأسماع، فاختلفت اللفظتان لهذه العلة. وقد قرأ ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو رجاء، وقتادة، وابن محيصن: " ولو جئنا بمثله مدادا " فحملوها على الأولى، ولم ينظروا إلى المقاطع. وقراءة الأولين أبين حجة، وأوضح منهاجا.
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " 110 " قوله تعالى: * (قل إنما أنا بشر مثلكم) * قال ابن عباس: علم الله تعالى رسوله التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره أن يقر على نفسه بأنه آدمي كغير، إلا أنه أكرم بالوحي.
قوله تعالى: * (فمن كان يرجو لقاء ربه) * سبب نزولها أن جندب بن زهير العامري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أعمل العمل فإذا اطلع عليه سرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله طيب لا يقبل إلا