من حول العرش) * والمعنى: جعلنا النخل مطيفا. وقوله: * (وجعلنا بينهما زرعا) * إعلام أن عمارتهما كاملة.
قوله تعالى: * (كلتا الجنتين آتت أكلها) * قال الفراء: لم يقل تعالى: آتتا، لأن " كلتا " ثنتان لا تفرد واحدتهما، وأصله: " كل "، كما تقول للثلاثة: " كل "، فكان القضاء أن يكون للثنتين ما كان للجمع، وجاز توحيده على مذهب " كل "، وتأنيثه جائز للتأنيث الذي، ظهر في " كلتا "، وكذلك فافعل ب " كلا " و " كلتا " و " كل "، إذا أضفتهن إلى معرفة وجاء الفعل بعدهن فوحد واجمع، فمن التوحيد قوله تعالى: * (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) *، ومن الجمع:
* (وكل أتوه داخرين) *، والعرب قد تفعل أيضا في " أي " فيؤنثون ويذكرون، قال الله تعالى: * (وما تدري نفس بأي أرض تموت) *، ويجوز في الكلام " بأية أرض "، وكذلك * (في أي صورة ما شاء ركبك) *، ويجوز في الكلام " في أية "، قال الشاعر:
- بأي به بلاء أم بأية نعمة * تقدم قبلي مسلم والمهلب - ثم ابن الأنباري: " كلتا " وإن كان واقعا في المعنى على اثنتين، فإن لفظه لفظ واحدة مؤنثة، فغلب اللفظ، ولم يستعمل المعنى ثقة بمعرفة المخاطب به; ومن العرب من يؤثر المعنى على اللفظ، فيقول: " كلتا الجنتين آتتا أكلها "، ويقول آخرون: " كلتا الجنتين آتي أكله "، لأن " كلتا " تفيد معنى " كل "، قال الشاعر:
- وكلتاهما قد خط لي في صحيفتي * فلا الموت أهواه ولا العيش أروح - يعني: وكلهما قد خط لي، وقد قالت العرب: كلكم ذاهب، وكلكم ذاهبون. فوحدوا للفظ " كل " وجمعوا لتأويلها. وقال الزجاج: إنما لم يقل " آتتا، لأن لفظ " كلتا " لفظ واحدة، والمعنى: كل واحدة منهما آتت أكلها * (ولم تظلم) * أي: لم تنقص * (منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا) * فأعلمنا أن شربهما كان من ماء نهر، وهو من أغزر الشرب. وقال الفراء: إنما قال:
" فجرنا " بالتشديد، وهو نهر واحد، لأن النهر يمتد، فكان التفجر فيه كله. قرأ أبو رزين، وأبو مجلز، وأبو العالية، وابن يعم، وابن أبي عبلة: " وفجرنا " بالتخفيف. وقرأ أبو مجلز، وأبو المتوكل: " خللهما ". وقرأ أبو العالية، وأبو عمران: " نهرا " بسكون الهاء.
قوله تعالى: * (وكان له) * يعني: للأخ الكافر (ثمر) قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر،