نعم يبقى الكلام في أن الأخبار كما عرفت قد دلت على عدم جواز تملك لقطة الحرم، وهو وجه الفرق بين لقطة غير الحرم وغيره، فإن الحكم في لقطة الحرم التخيير بين التملك والصدقة، والحفظ أمانة، وأما لقطة الحرم فقد عرفت من كلامهم أن الحكم فيها التخيير بين الحفظ والصدقة، والظاهر من الأخبار كما عرفت إنما هو الصدقة، فالتملك فبها غير جايز، وهذا الخبر قد دل على جواز التملك في خصوص الدينار المطلس، وقد دل الخبران المذكوران على جواز تملكه، فالواجب هو تخصيص الأخبار المذكورة بهما في خصوص هذا الفرد.
الرابع: ما اشتمل عليه خبر محمد بن رجا الخياط من التصدق بالثلث إن كان محتاجا " مما قال به الشيخ (رحمة الله عليه) فقال: إنه إذا كان محتاجا يجوز له تملك الثلثين والتصدق بالباقي.
وحمله العلامة على الضرورة، وأنكر هذا القول، وأنت خبير بما فيه، فإنه يجوز أنه لما كان من حيث احتياجه من مصارف الصدقة جاز له تملك الثلثين ويكون الأمر بالتصدق بالثلث محمولا على ضرب من الفضل والاستحباب، على أنه مع رفع الأمر للإمام (عليه السلام) الذي هو صاحب الاختيار في التصدق وغيره، أمره بما رأى من أخذ الثلثين صدقة عليه، وأن يتصدق بالثلث على غيره. فيكون الحكم مقصورا على هذه الصورة، فلا منافاة فيه للأخبار الدالة على عدم جواز تملك لقطة الحرم وربما قيل: إن تقريره (عليه السلام) على أخذه يدل على جواز أخذ لقطة الحرم، كما ذهب إليه البعض.
وفيه أن الانكار قد وقع في غيره من الأخبار فيخص به هذا الخبر، وإنما هذا لما ابتلي بذلك جعل له المخرج لما ذكره (. عليه السلام).
الخامس: قد اتفقت الأخبار المذكورة هنا بالنسبة إلى لقطة غير الحرم أن الحكم فيها بعد التعريف هوانها تكون كسبيل ماله.
ونحوها رواية داود بن سرحان (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " أنه قال في اللقطة: يعرفها