وكيف كان فالعمل على ما دلت عليه الأخبار الكثيرة المعتضدة بكلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) سلفا " وخلفا ".
وثالثها: الظاهر أنه لا خلاف بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) في أن النفر الأول لا يكون إلا بعد الزوال، وأنه لا يجوز قبل الزوال إلا لعذر من ضرورة أو حاجة، وأما النفر الثاني فيجوز له أن ينفر قبل الزوال وبعده أي ساعة شاء وأن النفر الأول بعد الزوال مشروط بأن لا تغرب عليه الشمس بمنى، وإلا وجب عليه المبيت بها والتأخير إلى النفر الثاني.
ويدل على هذه الأحكام جملة من الأخبار، ومنها صحيحة أبي أيوب المتقدمة وما رواه ثقة الاسلام والصدوق (عطر الله مرقديهما) في الصحيح عن معاوية بن عمار (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس،. فإن تأخرت إلى أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت، ورميت قبل الزوال أو بعده ".
وزاد في الكافي " فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصبة وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا فإن أبا عبد الله (عليه السلام) قال: أنه كان أبي ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير أن ينام بها ".
وما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس، فإن أدركه المساء بات ولم ينفر ".
وما رواه في الفقيه في الصحيح عن الحلبي (3) أن أبا عبد الله (عليه السلام) " سئل عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس؟ فقال: لا، ولكن يخرج ثقله إن شاء، ولا يخرج هو حتى تزول الشمس ".