أن الضرورات مبيحة للمحظورات، وقد ورد (1) لتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم لذلك رخص في جملة من الأحكام، وفيه تأييد لهذا المقام، مضافا " جميع ذلك إلى لزوم الحرج من التكليف بذلك. والظاهر أنه يحمل على ذلك إطلاق ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران (2) عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام): " سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال:
لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه ".
والأظهر عندي حمل الرواية المذكورة على النسيان أو الجهل، وقد صرح الأصحاب بالصحة في الناسي واختلفوا في إلحاق الجاهل بالعامد أو الناسي ولو عكسوا بأن حكموا بالصحة في الجاهل وجعلوا الاختلاف في الناسي لكان الأقرب إلى الصواب.
وكيف كان فالظاهر أنه لا اشكال في جواز التقديم في صورة الضرورة، كما ذكرنا.
وأيده بعضهم أيضا " بفحوى صحيحة أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز (3) قال: " كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل، فقال:
أصلحك الله إن معنا امرأة حائضا " ولم تطف طواف النساء، ويأبى الجمال أن يقيم عليها، قال: فأطرق وهو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليه جمالها، ثم رفع رأسه، فقال: تمضي فقد تم حجها " قال: " وإذا جاز ترك الطواف من أصله للضرورة جاز تقديمه بطريق أولى ".