أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة، وأيده بنصره واختاره لتبليغ رسالاته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه، فقال ابن أبي العوجاء فقال لأصحابه: من ألقاني في بحر هذا سألتكم أن تلتمسوا إلي خمرة، فألقيتموني على جمرة، قالوا له: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا " فقال: إنه ابن من حلق رؤس من ترون " أقول: في كتاب الإحتجاج للطبرسي بعد قوله " ويعلم اسرارهم " فقال ابن أبي العوجاء: فهو في كل مكان إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض، وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) " إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل من مكان " إلى آخره وهو الصواب، ولعل ما بينهما سقط من قلم صاحب الفقيه.
وفي كتاب إعلام الورى بعد قوله " أقرب منه إلى مكان، يشهد له بذلك آثاره ويدل عليه أفعاله، والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد (صلى الله عليه وآله) جاءنا بهذه العبادة "، وهو الأنسب أيضا قيل: لعل المراد بالتماس الخمرة بالخاء المعجمة تحصيل الظل للاستراحة فيه، قال في النهاية: انطلقت أنا وفلان نلتمس الخمر، الخمر بالتحريك: كل ما سترك من شجر وبناء أو غيره، انتهى.
وأما الالقاء على الجمرة فهو بالجيم ويحتمل أن يكون التماس الجمرة أيضا بالجيم بمعنى اتخاذ قبس من النار، للانتفاع بها، ويكون الالقاء على الجمرة كناية عن الاحتراق بها وحلق الرأس كناية عن التذليل والرمي بالهوان والصغار، لأن العرب كانوا يعدونه عارا " لتكبرهم ونخوتهم من أن يعلى رؤسهم، وأشار به إلى النبي أو إلى أمير المؤمنين صلى الله عليهما وعلى آلهما وروى في الكافي قال: وروى أن أمير المؤمنين قال في خطبة له: ولو أراد الله عز وجل ثناءه بأنبياءه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان، ومعادن العقيان ومغارس الجنان، وأن يحشر طير السماء ووحوش الأرض معهم لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء، واضمحل الابتلاء، ولما وجب للقائلين أجور المبتلين