الأصحاب قطع بتحريم قطع الشجر، وجعل الخلاف في الصيد، قال: وظاهر الأخبار يدل عليه، فإنه لم يرد خبر بجواز قطع الشجر وإنما تعارضت الأخبار في الصيد، إلا أن الأصحاب نقلوا الكراهة في الجميع واختاروها انتهى.
أقول: وها أنا أسوق لك ما وقفت عليه من أخبار المسألة وأبين ما وضح لي منها بتوفيق الله سبحانه وهدايته.
فمنها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة بن أعين (1) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة ما بين لابتيها صيدها وحرم ما حولها بريدا " في بريد أن يختلا خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح " قال في الفقيه:
وروي أن لابتيها ما أحاطت به الحرار، وروي في خبر آخر أن ما بين لابتيها ما بين الصورين إلى الثنية، والذي حرمه من شجر ما بين ظل عائر إلى فئ وعير، وهو الذي حرم، وليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك أقول: وقد تقدم أن الخلا مقصورة: الرطب من النبات، واحدته خلاه أو كل بقلة واختلاه جزه، وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن صفوان عن عبد الله بن مسكان عن الحسن الصيقل (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كنت جالسا " عند زياد بن عبد الله وعنده ربيعة الرأي فقال له زياد: ما الذي حرم سول الله (صلى الله عليه وآله)، من المدينة؟ فقال له:
بريد في بريد، فقال لربيعة: وكان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أميال فسكت ولم يجبه فأقبل على زياد فقال: يا أبا عبد الله ما تقول أنت؟ فقلت: حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة من الصيد " ما بين لابتيها، قال: وما بين لابتيها: قلت: ما أحاطت به " الحرار " (3) " قال: وما حرم من الشجر؟ قلت: ما بين عير إلى وعير " وزاد في الكافي قال صفوان: قال ابن مسكان: قال الحسن فسأله انسان وأنا جالس، فقال له وما بين لابيتها؟