المصنف اهداء الدابة أيضا، لاشتراك الجميع في المعين، وهو حسن، بل لا يبعد مساواة غيرهما لهما في هذا الحكم من اهداء الدراهم والدنانير والأقمشة وغير ذلك، ويشهد له أيضا ما رواه الكليني، ثم أورد رواية ياسين المتقدمة " ونحوه كلام جده المتقدم، وقوله ولا خصوصية للجارية إلى آخره.
وأما ما ذكره الأصحاب من وجوب البدئة بمصالح البيت والمشهد، فإليه يشير قوله (عليه السلام) في رواية ياسين " أن الكعبة غنية عن هذا " وقوله في الروايات الأخر إن " الكعبة لا تأكل ولا تشرب " فإنه كناية عن عدم الحاجة إلى ذلك وأما ما دلت عليه رواية علي بن جعفر الثالثة من الفرق بين العبد والجارية وبين الدابة أنه إذا نذر الدابة فليس عليه شئ؟ فلا قائل به من الأصحاب، بل ظاهرهم الاتفاق على خلافه، وبذلك طعن به عليها في المسالك، مضافا إلى ضعف الراوي لها عن علي بن جعفر، وهو محمد بن عبد الله بن مهران، فإنه ضعيف جدا "، وزاد في الطعن عليها بتخصيص الحكم فيها بهذه الأشياء المذكورة، وهو كذلك.
وما ذكروه في الوفي في بيان وجه الفرق حيث قال: " إنما صح اهداء الغلام والجارية وشبههما إلى الكعبة دون الدابة لأن الغلام يصلح لخدمتها وكذا الجارية وكل ما يصلح أن يصرف إليها وهو المراد بشبهه، بخلاف الدابة، وإنما يباع ما يصلح لها لأن الحجبة يحولون بينه وبين الانتفاع، به هناك ".
فيه أولا أنه لو تم هذا التعليل لاقتضى عدم جواز اهداء الدراهم والدنانير لها مع أن في الروايات المتقدمة ما دل على اهداء ثمن الجارية، والوصية بألف درهم للكعبة ونحو ذلك.
وثانيا تعليلاتهم (عليهم السلام) " بأن الكعبة غنية عن ذلك، وما يهدى لها فهو لزوارها " فإذا كان مصرف ذلك شرعا " إنما هو زوارها فلا فرق بين اهداء ما يمكن صرفه بنفسه أو يتوقف على بيعه وصرف ثمنه كائنا ما كان وثالثا قوله (عليه السلام) في رواية السكوني الأخيرة " لأنه يصير إلى الحجبة دون المساكين " فإنه ظاهر في عدم اهدائه للكعبة إنما هو من حيث أن مصرف ما يهدى