وأما الواجب المضمون كالمنذور وجزاء الصيد ودم المتعة ونحو ذلك فإن تلفه وإن كان بغير تفريط لا يوجب براءة الذمة وإن عينه لذلك، لأنه لا يخرج بالتعيين عن الاستقرار في ذمته، بل يكون مراعى ببلوغه محله حسب ما تقدم إيضاحه في كلام شيخنا المذكور من غير خلاف فيه، كما أشار إليه في آخر كلامه، وحينئذ فالواجب حمل كلامهم على الأفراد الأولة وقد استدل الشيخ في التهذيب على الحكم المذكور بما رواه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن غير واحد من أصحابنا (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في رجل اشترى شاة لمتعته فسرقت منه أو هلكت، فقال: إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه ".
وفي الصحيح عن معاوية بن عمار (2) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل اشترى أضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها قال: لا بأس، وإن أبدلها فهو أفضل، وإن لم يشتر فليس عليه شئ ".
وقد نقل السيد السند في المدارك استدلال الشيخ (رحمه الله) بهذين الخبرين وجمد عليه، مع ما في ذلك من الاشكال وظهور الاختلال، لأن محل البحث هدي السياق بالمعنى الذي ذكرناه، وأما هدي التمتع فإن الظاهر من كلام الأصحاب كما عرفت - حيث إنه واجب مضمون - أن تلفه لا يكون مبرئا " للذمة، وهذه الرواية يجب أن تكون مخصوصة بالشاة التي اشتراها وأوثقها في رحله بمنى ليكون القول بالاجزاء باعتبار بلوغ الهدي محله لا مطلقا.