أدب نبيه (صلى ا لله عليه وآله) انتدب ففوض إليه، وإن الله حرم مكة، وإن رسول الله حرم المدنية فأجاز الله له، وإن الله حرم الخمر، وإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرم كل مسكر، فأجاز الله له ".
أقول: هذا وقفت عليه من أخبار المسألة وكلها متفقة الدلالة في تحريم قطع الشجر، وإنما اختلفت في الصيد كما تقدمت الإشارة إليه في كلام شيخنا الشهيد الثاني، وأكثر الأخبار دال على التحريم خصوصا " في بعض، وعموما " في آخر، والذي يدل على عدم التحريم، منها رواية معاوية بن عمار المنقولة من الكافي، ونحوها رواية أبي العباس، وكذا صحيحة معاوية بن عمار المنقولة من كتاب معاني الأخبار.
والشيخ رضوان الله عليه بعد نقله الروايتين الأوليين في التهذيب أجاب عنهما، فقال: ما تضمن هذان الخبران من أن صيد المدنية لا يحرم، المراد به ما بين البريد إلى البريد، وهو ظل عائر إلى ظل وعير، ويحرم ما بين الحرتين، وبهذا تميز صيد هذا الحرم من حرم مكة، لأن صيد مكة محرم في جميع الحرم، وليس كذلك في حرم المدينة، لأن الذي يحرم منها هو الصيد المخصوص انتهى. ثم استدل على ذلك برواية عبد الله بن سنان المذكورة، نقلا من التهذيب، ورواية الحسن الصيقل المتقدمة أيضا.
أقول: وبذلك صرح من تأخر عنه كالعلامة في المنتهى وغيره، ومنهم السيد السند في المدارك، وزاد الطعن في الخبرين المذكورين بضعف السند، واعترضه المحدث الكاشاني في الوافي، فقال بعد نقل كلامه المذكور: ما لفظه أقول:
ظاهر خبر ابن عمار أن التحديدين واحد، ولا دلالة فيه على عدم تحريم الصيد ولا على تحريمه، وإنما يدل على عدم تحريم أكله، وخبر البقباق أيضا يحتمل معنيين، أحدهما أن لا يكون كلاما برأسه، ويكون يكذب الناس كلاما آخر على حدة من الكذب، والثاني أن يكون كلاما واحدا من التكذيب على سبيل التقية، فإن العامة روت في التحريم رواية، ثم الخبران الاتيان إنما يدلان على ما ذكره، لو كانا كما رواهما،