الثالث: لا يخفى أنه قد تقدم في صحيحة الخزاز (1) الواردة في الحائض التي لا تستطيع أن تتخلف من أصحابها ولا يقيم عليها جمالها أنها " تمضي فقد تم حجها " وهو مشكل، لدلالة هذه الأخبار على وجوب الاستنابة على من تعذر عليه الرجوع، وعدم سقوط الطواف عنه إلا بالاتيان به بنفسه أو بنائبه، والخبر وإن دل على تعذر المباشرة إلا أن الاستنابة ممكنة مع أنه (ع) لم يأمر بها، وإنما جوز المضي وترك الطواف مطلقا.
وظاهر الأصحاب القول بالخبر المذكور من غير ارتكاب تأويل فيه.
ولعله مبني على الفرق بين ما دل عليه هذه الأخبار من حكم الناسي، فإنه لمكان تفريطه في ترك ذلك حتى أدى إلى نسيانه وجب عليه العود أو الاستنابة والمرأة المذكورة لما كان تركها مع الحضور إنما هو لما ذكر من المحظور لم يلزمها الرجوع ولا الاستنابة.
وظاهر المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي في وسائله حمل الخبر المذكور على أنها تستنيب، وهو في غاية البعد عن سياق الخبر المذكور.
ومثله صحيحة الخزاز المذكورة الأخرى (2) قال: " كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل ليلا " فقال: أصلحك الله امرأة معنا حائض ولم تطف طواف النساء، فقال: لقد سئلت عن هذه المسألة اليوم فقال: أصلحك الله أنا زوجها، وقد أحببت أن أسمع ذلك منك، فأطرق كأنه يناجي نفسه وهو يقول: لا يقيم عليها جمالها ولا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها، تمضي وقد تم حجها ".