أن يسكن الحرم " وروى الصدوق مثله، وزاد في آخره ولذلك كان يتقى الفقهاء أن تسكن مكة.
وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي (1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (2) " ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " فقال: كل الظلم فيه الحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون الحادا " ولذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة.
أقول: قد دلت هذه الأخبار وأمثالها على كراهة سكنى مكة ويستنبط منها كراهة ذلك أيضا في سائر الأماكن المشرفة والمشاهد المعظمة، والوجه في ذلك هو أن شرف المكان كما يقتضي تضاعف أجر الطاعات فيه من حيث شرفه يقتضي أيضا تضاعف جزاء العاصي من حيث هتك حرمته، ألا ترى إلى نساء النبي صلى الله عليه وآله لمزيد قربهن منه صلى الله عليه وآله والفوز بشرف أمومة المؤمنين قد ضاعف لهم الأجر بقوله (3) " ومن يقنت منكن لله ورسوله تعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما وقال (4) " لستن كأحد من النساء إن اتقيتن " ثم ضاعف لهم العذاب بالمعاصي فقال (5) " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " وهكذا يكون الحكم في جميع الأماكن الشريفة والأزمان المنيفة، والمشهور بين الأصحاب كراهة المجاورة بمكة، وعلل ذلك بوجوه: منها الخوف من الملالة وقلة الاحترام، والخوف من ملابسة الذنب،، فإن الذنب فيها عظيم، أو بأن المقام فيها يقسي القلب، أو من سارع إلى الخروج منها يدوم شوقه إليها، وذلك مراد الله عز وجل، وجميع هذه التوجيهات مروية، وقد ورد في الأخبار ما يدل على استحباب المجاورة، كصحيحة علي بن مهزيار (6) قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) " عن المقام بمكة أفضل أو الخروج إلى بعض الأمصار؟ قال: المقام