إلى أن تكامله لا يتم بمجرد أن يكون مريدا لذلك، بل هو لا يستطيع شيئا إلا بإرادة الله تبارك وتعالى وبالاستعانة به.
وان هذه الاستعانة استعانة مطلقة أيضا وتنسحب على كل وجوده.
وان إحساس الإنسان بالحاجة إلى الله - الامر الذي يفرض الاستعانة بالله تبارك وتعالى - سيكون علاجا لما قد يحدث في نفسه من شعور من خلال * (إياك نعبد) * من أن ارادته إرادة مستقلة عن إرادة الله، بل هي إرادة خاضعة لإرادته عز وجل، خصوصا بعد أن أشير إلى أن تكامل الإنسان لا يتم إلا من خلال تطابق إرادته مع إرادة الله عز وجل، الامر الذي يوحي بوجود إرادتين مستقلة إحداهما عن الأخرى.
وقد أكد القرآن الكريم هذا الامر من خلال آيات كثيرة، وبين أن الإرادة والإشاءة الحاكمة على كل الإرادات والمشيئات هي إرادته عز وجل، قال تعالى:
* (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * (1).
* (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله...) * (2).
* (ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله...) * (3).
إضافة إلى أن الشعور بالحاجة الذي تعبر عنه (الاستعانة) يعالج في الإنسان أيضا (الهوى) والميل إلى الطغيان، حيث يرى نفسه يملك الإرادة والاختيار، بحيث يتصرف أحيانا بما يخالف الإرادة التشريعية لله تعالى.