وأما من حيث مادتها فإنها تستخدم عادة بلحاظ التركيب بينها وبين هيئتها، فيما إذا كانت هناك مجموعة من الافراد أو الاجزاء المتماثلة فيما بينها والتي تشكل حالة واحدة اما على مستوى الجنس، فيقال: عالم الحيوان، عالم النبات...، أو على مستوى النوع، فيقال: عالم الإنسان، عالم السمك...، أو على مستوى الصنف، فيقال: عالم العرب، عالم العجم، عالم الأسود وعالم الأبيض....
فالخصوصية المأخوذة في هذه الأشياء هي أن تكون هناك كثرة في العدد والاجزاء من ناحية ووحدة في الصفة من ناحية أخرى، بحيث ينتزع منها هذا التركيب، وانما يعبر عن هذه المجاميع بالعوالم باعتبار أن كل هذه الموجودات وبخصوصياتها المقتضية لتماثلها فيما بينها تكون آلة ووسيلة للعلم بالله تبارك وتعالى من حيث كونها معلولة له.
وقد وقع الكلام فيما هو المقصود بصيغة الجمع (العالمين) فقال بعضهم:
إنها العوالم الموجودة في هذا الوجود كله، إذ يمكن تقسيمها إلى عوالم متعددة:
عاقلة وغير عاقلة، باعتبار وجود الخصوصيات المشتركة بين المجموعات الجنسية والنوعية فيه، وانما كان الجمع هنا بالجمع للعاقل (العالمين) لا بجمع غير العاقل (عوالم)، باعتبار وجود عالم الإنسان فيها وهو أشرفها فغلب على بقية العوالم - وأضاف آخرون إلى ذلك عالمي الجن والملائكة - لأفضليته لا لكثرته.
وخص آخرون (عالمين) بخصوص عوالم العاقل، وقالوا: إن المقصود من عوالم العاقل هي إما عوالم الملائكة والإنس والجن، أو خصوص عالمي الإنس والجن، وقد مال العلامة الطباطبائي (قدس سره) إلى الرأي الأول، ولكننا نرجح الآخر باعتبار:
1 - إن سياق الآيات في المقطع الأول من السورة يشعر بأن موضوع الحديث