أن بعض المتقدمين الذين أثيرت هذه المسألة في زمانهم وكان عهدهم عهد صراع سياسي وهوى وتحريف قد وقعوا في هذا الخطأ، الامر الذي أدى إلى التزام الآخرين بذلك ظنا منهم أنه الصواب بعد أن أصبحت الحقائق موضع شك وإبهام.
ويمكن أن نفهم هذا المعنى من الرواية التي وردت سابقا بصدد صلاة معاوية بالصحابة في (المدينة المنورة)، حيث يتواجد العدد الأكبر من الصحابة والتابعين في ذلك العصر، ومثلها ما ورد في الدر المنثور من أن " أول من أسر ببسم الله الرحمن الرحيم عمر بن سعيد بن العاص وكان رجلا حييا " (1)، فلماذا يكون عمر حييا في قراءة البسملة وحدها ولا يعتريه الحياء في قراءة غيرها من آيات القرآن الكريم؟! وهل ذلك إلا لارتباط قراءتها جهرا بموقف سياسي معين آنذاك ملفت للنظر بحيث استدعى من عمر بن سعيد - الذي كان واليا لمعاوية في ذلك الوقت وأمويا، ولكنه كان يتعاطف مع العلويين - أن يقرأها اخفاتا لأنه يؤمن بها دون أن يتظاهر بقراءتها جهرا، لئلا يعارض الخليفة.
وعن الصادق (عليه السلام) قال: " ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي بسم الله الرحمن الرحيم " (2).
وفي هذه الرواية وشبيهاتها دلالة على أن هناك محاولة لكتمان حقيقة هذه الآية المباركة، وأن القضية قد تحولت إلى قضية سياسية مما أدخل فيها هذا النوع من الخلاف والصراع والتزوير.