بهذا الشكل لا يعتقدون بجزئيتها (1).
إلا أن هذه المناقشة لا تثبت أمام النقد، فلا يمكن الالتزام بها لأننا عندما نستدل بالرسم القرآني لا نريد أن نثبت من الالتزام بكتابة (البسملة) في المصحف:
إن جميع الذين أثبتوها يعتقدون بجزئيتها، حيث تكون هذه المناقشة صحيحة، ولكن لا يهمنا اعتقاد من أثبتها بجزئيتها أم عدم اعتقاده، وإنما نريد أن نعرف من الرسم القرآني أن خصوص الأوائل الذين عاصروا النبي (صلى الله عليه وآله) أو سمعوا منه كانوا يعتقدون بجزئية (البسملة) للقرآن الكريم، بدليل أنهم أثبتوها بنفس الطريقة التي أثبتوا بها الآيات القرآنية الأخرى، وذلك لأن إجماعهم يكشف لنا عن موقف النبي (صلى الله عليه وآله) ومن ثم يكشف عن نظر الوحي في شأنها.
ويمكن أن نشرح دليل الرسم القرآني على جزئية البسملة للقرآن الكريم ببيان مقدمتين يتكون منهما هذا الدليل، وهما:
الأولى: إن ما هو مكتوب في المصاحف والموجود بين أيدينا الآن والذي أثبتت فيه (البسملة) بصفتها جزءا من القرآن هو نفس ذلك الذي كتبه الصحابة والمعاصرون للنبي (صلى الله عليه وآله) لأن هذا المصحف قد تم نقله وتداوله بطريق التواتر بين المسلمين جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا، وأولئك الصحابة كانوا يتعاملون مع (البسملة) كما يتعاملون مع أي نص قرآني آخر، ولهذا نجدهم ثبتوها في كل سورة واستثنوا (براءة)، الامر الذي يدل على أنهم لم يثبتوها في المصحف انسياقا مع حالة اعتبارية أو للبركة، بل ثبتوها متقيدين بشئ وملتفتين إليه وذلك هو الحفاظ على ما هو قرآني والتمييز بينه وبين غيره.