للناس والوضع السياسي لهم. وأما إذا كان المخاطب بالآيات القرآنية خصوص المسلمين والمؤمنين فهذه الآيات (مدنية). والسر في ذلك هو ملاحظة أن الوضع السياسي في مكة كان هو غلبة غير المسلمين، فجاء الخطاب ب * (يا أيها الناس...) * باعتبار أن الخطابات في مرحلة ما قبل قيام الدولة الإسلامية وقبل وجود الأمة والجماعة المؤمنة كانت موجهة لكل الناس الذين غلب عليهم طابع الشرك، فخوطبوا ب * (يا أيها الناس...) *. وأما الخطاب في المدينة فقد جاء بصيغة * (يا أيها الذين آمنوا...) * باعتبار غلبة الحالة الإسلامية في هذه المرحلة، ووجود الجماعة المؤمنة وإيمان الناس بشكل عام.
الثالث: الاتجاه الذي يعتمد (الزمن) والمرحلة أساسا لهذا المصطلح حيث تكون الآيات التي نزلت قبل الهجرة مكية، لأنها نزلت في المرحلة المكية بخلاف الآيات التي نزلت بعد هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله).
وأساس التقسيم فيه هو (الزمن) المحدد بهجرة الرسول (صلى الله عليه وآله) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فإنها مدنية وذلك باعتبار أن الهجرة تشكل منعطفا في تأريخ الإسلام ودعوته، فكل آية نزلت قبل هجرته (صلى الله عليه وآله) (مكية) وإلا فهي (مدنية).
ومع كون هذه الاتجاهات الثلاثة هي آراء في تشخيص اصطلاح معين، وبالإمكان في مجال الاصطلاح الاخذ بأي منها، لان عملية الاصطلاح يراد منها تيسير الفهم في مجال العلم الخاص، وللعلماء أن يضعوا هذا المصطلح بالطريقة التي يريدونها، ولذا قيل (لا مشاحة في الاصطلاح)، إلا أن أوضح التقسيمات وأفضلها في تحقيق الهدف والغرض العلمي من التقسيم هو الاتجاه (الثالث) الذي تم وفق أساس الزمن، وذلك لأنه أكثر فائدة في تحقيق الأغراض العلمية فهو: