عن معاني هذه المفردات القرآنية بعيدا عن الاطر الخاصة النابعة من ذات المفسر أو ظروفه ومجتمعه أو النابعة من الاطر الخاصة للصحابة والتابعين الذين فسروا القرآن من خلال هذه الاطر في كثير من الأحيان وألقوا بظلالها على هذه المعاني.
ولا يعني هذا بطبيعة الحال إلغاء القرائن الحالية أو القالية، وإنما النظر بدقة إلى هذا الجانب في فهم المعاني القرآنية، وعدم الخلط بين المصداق الذي يكون مرهونا بالظرف ويتبادر إلى الذهن بصورة بدوية، وبين المفهوم والمعني القرآني المقصود بالاستكمال.
لا سيما وأن القرآن كان من أهدافه الاهتمام بالمصاديق في عصر نزوله لمعالجة وتغيير الأوضاع السائدة، ولم ينزل بشكل تجريدي، ولكن هذا الاهتمام بالمصداق في أسباب النزول لا يعني تقييد المعنى القرآني بذلك المصداق - كما يذكر في القرآن - والشئ نفسه نقوله بالنسبة إلى الآيات المتشابهة، وضرورة عقد المقارنة بينها من أجل الوصول إلى المعنى القرآني العام، بعيدا عن الإطار الخاص الموجود في هذه الآية أو تلك.
2 - عدم الاستغراق في الأمور الفرعية للتفسير ذات العلاقة بالقضايا الأدبية أو النحوية أو اللغوية أو الصرفية أو الفقهية أو العقائدية أو التأريخية، إلا بالقدر الذي يرتبط بتكوين الصورة القرآنية.
وتحويل مثل هذه الأبحاث إلى الأبحاث المختصة بها، لأن مثل هذا الاستغراق وإن كانت له فوائد علمية لا يمكن إنكارها وتستحق التقدير والاحترام للجهود التي بذلت من أجلها، ولكنها في الوقت نفسه تستهلك من الدارسين الكثير من أوقاتهم، وتضيع عليهم فرضة التركيز على المعنى القرآني، كما أنها قد تشوش الفهم والرؤية الصحيحة للمعاني القرآنية، وتلقي بظلالها الثقيلة على المعني القرآني الأصيل.