ما تستند إليه هذه الاعتقادات وجب الحكم عليها بالبطلان.
وبعد فلو قال موسى ذلك لم يخل أن يريد المنع من نسخ شرعه على كل حال وإن اقترن دعوى ناسخه بالمعجز أو من دون ذلك، والثاني لا ينازع فيه لأنه يقتضي رفع الشرائع الثابتة بالأدلة بمجرد الدعوى العرية من الحجة، و الأول يقتضي القدح في نبوته الموقوف صحتها على المعجز مع أمره بتكذيب من معه المعجز، وذلك مأمون منه عليه السلام فثبت تعلق منعه عليه السلام من النسخ بالوجه الأول.
وليس لهم أن يقولوا إن كلام موسى عليه السلام المتضمن للمنع من النسخ متعلق بالتأبيد من غير تقييد، لأنه لو كان كذلك لوجب تقييد مطلقه وتخصيص عامه بالبرهان كصحته بقول موسى عليه السلام إذ لا فرق ين أن يقول موسى عليه السلام شريعتي لا تنسخ أبدا والزموها أبدا و [أو. ظ] ما دامت السماوات والأرض إلا أن يأتيكم بشئ بالنسخ، في وجوب تقييد مطلق قوله ونسخ شرعه بمن يأتي بعده من الأنبياء، وبين أن يختص ذلك بقول من ثبتت نبوته من هارون عليه السلام أو عيسى عليه السلام أو رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، لاشتراك الكل في الصدق على مرسلهم سبحانه لبيان المصالح والمفاسد، وفساد القول بتصدق أحدهم دون الآخر مع ثبوت البرهان بنبوة كل منهم فليتأمل هذا فإنه يأتي على مذهبهم ويوجب عليهم الرجوع إلى القول الثالث.
والكلام على الفرقة الثالثة: أن يقال لهم لم زعمتم أنه لم يقم دليل على نبوة مدعي النسخ أبضرورة علمتم ذلك أم باستدلال؟ ودعوى الضرورة مرتفعة بغير إشكال، والدلالة على نفي النبوة من جهة العقل منتفية، ومن جهة السمع وقد بينا ما يظنونه نافيا من جهته. وإذا لم يكن لهم طريق إلى العلم بتكذيب مدعي النسخ، وجب عليهم النظر في دعوته، لحصول الخوف من صدقه،