فمتى يفعلوا بشروطه يعلموا من ذلك ما جهلوه ويلزمهم الدخول فيما أنكروه لوضوح الحجة بنبوة عيسى عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله، وإن يقيموا على الأغراض [الأعراض. ظ] يقيموا محجوجين ويفقدوا علم ما يلزمهم معرفته من النبوات لسوء نظرهم لأنفسهم وقبح عنادهم.
ثم يقال لهم دلوا بأي دليل شئتم على نبوة موسى، فإذا فعلوا قوبلوا بمثله في نبوة المسيح عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله لأنهم إنما يفرغون [يفزعون. ظ] (1) في ذلك إلى دعوى التواتر بظهور المعجزات عقيب دعوى موسى عليه السلام ومثل هذه الدعوى حاصل في النصارى ومعجزات تلاميذ المسيح عليه السلام، بل للنصارى عليهم أعظم المزية، لحصول العلم باتصال مملكة الروم إلى زمان دعوة المسيح عليه السلام، وتعذر ذلك فيهم.
وليس لهم أن يقولوا ضلال النصارى في المسيح، ودعواهم له الإلهية أو النبوة مانع من سماع نقلهم، لأن النقل المتواتر لا يفتقر إلى صحة الاعتقاد بغير نزاع بين العلماء فيه لانفصال كل منهما من صاحبه، فإذا ثبت تواتر النصارى بالمعجزات وفهم شرط التواتر، وجب الحكم بصدقهم فيها وصدق من ظهر عليه لحصول الأمان من كذب المؤيد بالمعجز على الله تعالى، ولا يقدح في ذلك ضلال النصارى عندها (2) لما بيناه ألا ترى أنا نعلم تدين عالم عظيم بإلهية موسى ومن قبله ومن بعده ممن ثبت نبوته بالمعجزات لأجلها ولم يقدح ذلك في نبوتهم عليهم السلام، ولا أثر في نقلهم، لانفصال أحد الأمرين من الآخر.
على أن هذا الاعتذار غير مقتدر (3) في تواتر المسلمين بمعجزات النبي صلى الله عليه وآله