النبوات ومن أقر بها من اليهود والنصارى حسب ما بيناه، ومن ليس من أهل النقل لما يدين به كيف يكون تركه لنقل ما قامت حجته بنقل غيره دلالة على بطلانه لولا جهل المعترض.
على أنهم لو كانوا ذوي نقل لم يكن إخلالهم بنقل المعجزات قادحا في ثبوتها من حيث علمنا توفر صوارف المشاهدين [الشاهدين] للآيات منهم إلى كتمانها لما يؤدي إليه ظهورها من فساد دياناتهم المألوفة ورئاساتهم المستقرة، ولا شبهة في ارتفاع ما توفرت الصوارف عنه ولما كتم الأسلاف [السلف] ما شاهدوه للغرض الذي ذكرناه لم يجد إلا خلاف شيئا ينقلوه، فلذلك انقطع نقله منهم.
وبعد فهذا منقلب على كل من أثبت نبوة، لأنه لا يجد أحدا ممن خالفه فيما يذهب إليه من النبوة ينقل معجزات من يدعي نبوته [نبوة ظ]، لأن البراهمة وغيرها من ضروب الكفار المنكرين للنبوات لم ينقلوا شيئا من معجزات الأنبياء عليهم السلام، واليهود وإن أثبت النبوات فغير ناقلة لمعجزات المسيح عليه السلام وتلاميذه.
فمهما انفصلوا به ممن عارضهم بمثل ما عارضونا به فجوابنا لهم مثله وإذا ثبت نبوة نبينا صلى الله عليه وآله بالبراهين الواضحة وجب القطع على كونه صلى الله عليه وآله على الصفات التي يجب كون النبي عليها من العصمة فيما يؤديه، والعصمة من جميع القبائح، وتنزيهه عن كل منفر حسب ما دللنا عليه.
ووجب لذلك القطع بنبوة من أخبر بنبوته على التفصيل كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم ممن تضمن القرآن ذكره مفصلا، ومجملا في قوله سبحانه: " ورسلا لم نقصصهم عليك " (1) وأن جميعهم بالصفات التي