علمنا أنه لا وجه للنهي عن نفس المأمور به أو الأمر بالمنهي عنه إلا الجهل بالعاقبة.
الثاني: أن أمره بالشئ دلالة حسنه ونهيه دلالة قبحه، والنهي عن الحسن والأمر بالقبيح لا يجوز عليه سبحانه.
ومتى اختل شرط واحد خرج عن حد البداء، لعلمنا بصحة أمره تعالى المكلف بشئ ونهيه عن غيره، ونهي مكلف آخر عن نفس ما أمر به، و تكليفه شيئا زمانا معينا ونهيه عن مثله في زمان آخر، وأمر (1) بالفعل في وقت على وجه ونهيه عن إيقاع مثله على وجه آخر. واتفاق العلماء على حسن ما له هذه الصفة وخروجه عن صفة البداء.
وأما النسخ فهو كل دليل سمعي دل على رفعه مثل الحكم الثابت بالنص الأول على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
واشترطنا كون الناسخ دليلا لأن رفع التعبد الثابت بمطلق نصه تعالى لا يجوز بغير دلالة.
واشترطنا كونه سمعا لأن النسخ لا يتعلق بما ثبت عقلا ولا يرتفع الأحكام الشرعية به.
واشترطنا كونه رافعا لأن ما ليس برافع من الأدلة لتعبد ثابت لا يكون ناسخا.
وقلنا: مثل الحكم، لأن رفع نفس الحكم المتعبد به لا يكون إلا بداء.
واشترطنا التراخي، لأن المقارن لا يكون ناسخا وإنما هو بيان لمدة التكليف، وبيان المدة لا يكون نسخا.
والدلالة على صحة هذا الحد، أنه متى تكاملت هذه الشروط وصف الدليل بأنه ناسخ والمرفوع منسوخ، ومتى اختل شرط واحد فليس بناسخ ولا منسوخ.