عند وجود الرؤساء، أو بإيثار بعض العقلاء رئيسا دون رئيس، أو اعتقاد بعض العقلاء حصول الصلاح بفقد الرئاسة.
فإن نازع على الوجه الأولى قضت المشاهدة عليه، وحكم بفساد نزاعه عموم العلم للعقلاء بصلاح الخلق بعد الرؤساء وقهرهم المفسدين في الأرض وإرهابهم، وأنه لو خلا مصر واحد من رئيس لم يتوهم صلاحه أبدا وحال المكلفين حالهم من جواز القبيح منهم.
وإن نازع على الوجه الثاني لم يقدح في وجوب الرئاسة، لتعلقه بكونها لطفا في فعل الواجب واجتناب القبيح وليس بملجئ، لصحة التكليف معه و فساده مع الالجاء، فوقوع القبيح عندها لا يمنع من كونها لطفا في اجتنابه كالعلم بالثواب والعقاب المعلوم عموم كونه لطفا لكل مكلف مع وقوع القبائح من العالمين [بها] على أن الواقع من القبيح عند وجود الرئاسة لولاها لوقع أضعافه حسب ما يعلمه كل عاقل بمجرى [يجري. خ] العادة، وما أثر رفع قبيح واحد أو يبعد منه (1) لطف واجب في حكمته سبحانه كوجوب ما أثر رفع سائر القبائح بغير نزاع بين أهل العدل.
وإن نازع على الوجه الثالث، لم يقدح أيضا، لأن صلاح بعض المكلفين برئيس دون رئيس لا يقدح في جهة وجوب الرئاسة في الجملة، وإنما أختص صلاحه لأمر يرجع إليه لا إلى الرئاسة، يوضح ذلك أنه لم يصلح إلا برئاسة.
وإن نازع على الوجه الرابع، لم يقدح أيضا لأن اعتقاد بعض العقلاء حصول صلاحه بعدم الرئاسة، لا يمنع من وجوبها من الوجه الذي بينا ثبوته