على وصف الزاني والسارق والقاذف بذلك، وأجروا الأحكام عليه، فإن صاروا إلى مقتضى الحجة من هذا الالزام سقط ما يذهبون إليه من كبير وصغير، وفسد لذلك ما يتفرع عليه من التحابط ويبنى عليه من الوعيد، ودخلوا في مذهبنا المحكوم فيه باستحقاق العقاب بكل معصية وثبوت ذلك إلا أن يتفضل مالكه بإسقاطه ابتداءا أو عند توبة أو شفاعة، لأن كل من قال بأحد الأمرين قال بالآخر، وإن امتنعوا من ذلك نقضوا ما يذهبون إليه من أن القطع بوعيد المعصية وثبوت سمة الفسق بها...
فإن قالوا: لم تنازع في استحقاق العقاب بكل معصية... الكبائر وإن لم يتعين لنا منها... جهة الاستحقاق دلالة على انتفاء ما يقابله... اجتماعها فأما ما عداها فوعيدها مشترط بأن يكون... تفرقتكم بين الأمرين مع تناول الوعيد لهما على وجه واحد وثبوت سمة الفسق وأحكامه بكل منهما وتعلق الذم واللعن عليه لأن قوله تعالى: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " (1) وقوله: " ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " (2) " ومن يعص الله ورسوله... الآية " (3) ومن يعمل سوءا يجز به الآية (4) " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا... الآية " (5) " والذين يكنزون الذهب والفضة... الآية " (6) وأمثال ذلك من الوعيد