حسا، ثم زاد على كلام الأصحاب باشتراطه المقايسة والنسبة في ذلك المقام، حيث ألجأته إليها ضرورة الالزام كما سيأتي توضيحه وينكشف صريحه (1).
مع أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأبرار بأصالة الطهارة ووجوب العمل على اليقين، فما لم يعلم ويتيقن وقوع النجاسة في الماء على وجه يظهر أثرها ويقطع بغلبة أجزاء تلك النجاسة على الماء إذا منع من ظهورها مانع لا يحكم بالتغير في ذلك الماء، فمجرد الأخبار بولوغ كلب من إناء مع عدم العلم بقدر ماء ذلك الإناء وعدم العلم بكثرة الولوغ وقلته لا يحكم بوقوع التغير في ذلك الماء بلعاب الكلب، وقس عليه غيره من النجاسات. وهو قد حكم بالتغير في أمثال ذلك كما سيأتيك بيانه (2).
وأما قوله: " ومما لا شك فيه أن ذلك لو كان شرطا لكان أولى المواضع.. الخ " فإنه مجرد دعوى عارية عن الدليل، ومحض استبعاد ليس له محصل عند ذوي التحصيل، إذ عدم كثرة المياه الجارية والراكدة في تلك الأماكن على القول بنجاسة القليل بالملاقاة لا يستلزم حصول وقائع في الطهارات ولا السؤال عن حفظ المياه من النجاسات. ولا أمثالها من هذه التسجيلات، لأنه مع معلومية الحكم عنده بنجاسة الماء القليل بالملاقاة يتحرزون عن تطرق النجاسة إليه بكل وجه وبعد العلم بحصول النجاسة فيه يجتنبونه، بل ربما يهرقونه وما الذي يترتب على ذلك من الوقائع المستحقة للنقل؟ ومن الذي اشترط أنه لا بد في كل حكم شرعي من واقعة في عصره (صلى الله عليه وآله) تدل عليه؟ حتى يشترط هنا. على أنه لو نقلت هناك واقعة تدل على النجاسة لأرتكب التأويل فيها كما ارتكبه في تلك الأخبار الصريحة المتعددة، إذ غاية ما يراد أن يعبر به عن النجاسة أو يكنى به عنها هو التصريح بإراقة الماء الدال على عدم الانتفاع به بوجه. وقد مرت لك أخبار مستفيضة بهذا المضمون قد أخرجها