قوله (قد روي عن إبراهيم النخعي أنه قال غسل الميت كالغسل من الجنابة) يعني يراعى في غسل الميت ما يراعى في الغسل من الجنابة قوله (وقال مالك بن أنس ليس لغسل الميت عندنا حد مؤقت وليس لذلك صفة معلومة) قال مالك في الموطأ وليس لغسل الميت عندنا حد موصوف وليس لذلك صفة معلومة ولكن يغسل فيطهر انتهى قلت بل له حد موصوف وصفة معلوم فيغسل الميت وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك إن رأى الغاسل ويبدأ بميامنه ومواضع الوضوء منه ويغسل بماء وسدر ويجعل في الغسلة الأخيرة الكافور وإن كان الميت امرأة فيضفر شعر رأسها ثلاثة قرون ويجعل خلفها وهذه الصفات كلها قد جاءت في حديث أم عطية الصحيح المتفق عليه فلا حاجة إلى القول المجمل بأنه ليس لغسل الميت حد موصوف وليس لذلك صفة معلومة (قال الشافعي إنما قال مالك قول مجملا يغسل وينقى) ولم يفصل ولم يبين (وإذا أنقي) بصيغة المجهول من الانقاء (بماء القراح) قال في القاموس القراح كسحاب الماء لا يخالطه ثفل من سويق وغيره والخالص كالقريح (ولا يرى) وفي بعض النسخ أو لا يرى بهمزة الاستفهام (ولم يؤقت) من التوقيت أي لم يحدد والمعنى أن المقصود من قوله اغسلنها ثلاثا أو خمسا هو الإنقاء لا التحديد فإن حصل النقاء والطهارة بأقل من ثلاث مرات أجزأ قوله (وكذلك قال الفقهاء وهم أعلم بمعاني الحديث) المراد بالفقهاء الفقهاء من المحدثين كسفيان الثوري والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وغيرهم وقد صرح الترمذي بذلك في كتاب العلل
(٥٨)