وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني قال الحافظ في التلخيص قال البخاري في تاريخه الحارث بن عمرو عن أصحاب معاذ وعنه أبو عون لا يصح ولا يعرف إلا بهذا وقال الدارقطني في العلل رواه شعبة عن أبي عون هكذا وأرسله ابن مهدي وجماعة عنه والمرسل أصح قال أبو داود أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مرة عن معاذ وقال ابن حزم لا يصح لأن الحارث مجهول وشيوخه لا يعرفون قال وادعى بعضهم فيه التواتر وهذا كذب بل هو ضد التواتر لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن الحارث فكيف يكون متواترا وقال عبد الحق لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه وإن كان معناه صحيحا وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث اعلم أنني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل فلم أجد له غير طريقين أحدهما طريق شعبة والأخرى عن محمد بن جابر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ وكلاهما لا يصح انتهى وقال الحافظ ابن القيم في أعلام الموقعين بعد ذكر حديث معاذ رضي الله عنه هذا ما لفظه هذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك لأنه يدل على شهرة الحديث وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث وقد قال بعض أئمة الحديث إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به قال أبو بكر الخطيب وقد قيل إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث وقوله في البحر هو الطهور ماؤه والحل ميتته وقوله إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وتراد البيع وقوله الدية على العاقلة وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الاسناد ولكن لما نقلها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الاسناد لها فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعا غنوا عن طلب الاسناد انتهى كلامه وقد جوز النبي صلى الله عليه وسلم للحاكم أن يجتهد رأيه وجعل له على خطئه في اجتهاد الرأي أجرا واحدا إذا كان قصده معرفة الحق وأتباعه وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهدون في النوازل ويقيسون
(٤٦٥)