وعنبسة من غيرها أمة عاتكة بنت أبي أزيهر الأزدي وفى الأمثال للميداني أنها عاشت بعد وفاة أبي سفيان فإنه ذكر قصة فيها أن رجلا سأل معاوية أن يزوجه أمه فقال إنها قعدت عن الولد وكانت وفاة أبي سفيان في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين (قوله إن أبا سفيان) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس زوجها وكان قد رأس في قريش بعد وقعة بدر وسار بهم في أحد وساق الأحزاب يوم الخندق ثم أسلم ليلة الفتح كما تقدم مبسوطا في المغازي (قوله رجل شحيح) تقدم قبل بثلاثة أبواب رجل مسيك واختلف في ضبطه فالأكثر بكسر الميم وتشديد السين على المبالغة وقيل بوزن شحيح قال النووي هذا هو الأصح من حيث اللغة وإن كان الأول أشهر في الرواية ولم يظهر لي كون الثاني أصح فان الآخر مستعمل كثيرا مثل شريب وسكير وإن كان المخفف أيضا فيه نوع مبالغة لكن المشدد أبلغ وقد تقدمت عبارة النهاية في كتاب الاشخاص حيث قال المشهور في كتب اللغة الفتح والتخفيف وفى كتب المحدثين الكسر والتشديد والشح البخل مع حرص والشح أعم من البخل لان البخل يختص بمنع المال والشح بكل شئ وقيل الشح لازم كالطبع والبخل غير لازم قال القرطبي لم ترد هند وصف أبي سفيان بالشح في جميع أحواله وانما وصفت حالها معه وأنه كان يقتر عليها وعلى أولادها وهذا لا يستلزم البخل مطلقا فان كثيرا من الرؤساء يفعل ذلك مع أهله ويؤثر الأجانب استئلافا لهم (قلت) وورد في بعض الطرق لقول هند هذا سبب يأتي ذكره قريبا (قوله الا ما أخذت منه وهو لا يعلم) زاد الشافعي في روايته سرا فهل على في ذلك من شئ ووقع في رواية الزهري فهل على حرج ان أطعم من الذي له عيالنا (قوله فقال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) في رواية شعيب عن الزهري التي تقدمت في المظالم لا حرج عليك أن تطعميهم بالمعروف قال القرطبي قوله خذي أمر إباحة بدليل قوله لا حرج والمراد بالمعروف القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية قال وهذه الإباحة وإن كانت مطلقة لفظا لكنها مقيدة معنى كأنه قال إن صح ما ذكرت وقال غيره يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم علم صدقها فيما ذكرت فاستغنى عن التقييد واستدل بهذا الحديث على جواز ذكر الانسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاشتكاء ونحو ذلك وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة وفيه من الفوائد جواز ذكر الانسان بالتعظيم كاللقب والكنية كذا قيل وفيه نظر لان أبا سفيان كان مشهورا بكنيته دون اسمه فلا يدل قولها ان أبا سفيان على إرادة التعظيم وفيه جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر وفيه أن من نسب إلى نفسه أمرا عليه فيه غضاضة فليقرنه بما يقيم عذره في ذلك وفيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والافتاء عند من يقول إن صوتها عورة ويقول جاز هنا للضرورة وفيه أن القول قول الزوجة في قبض النفقة لأنه لو كان القول قول الزوج انه منفق لكلفت هذه البينة على اثبات عدم الكفاية وأجاب المازري عنه بأنه من باب تعليق الفتيا لا القضاء وفيه وجوب نفقة الزوجة وأنها مقدرة بالكفاية وهو قول أكثر العلماء وهو قول للشافعي حكاه الجويني والمشهور عن الشافعي أنه قدرها بالامداد فعلى الموسر كل يوم مدان والمتوسط مد ونصف والمعسر مد وتقريرها بالامداد رواية عن مالك أيضا قال النووي في شرح مسلم وهذا الحديث حجة على أصحابنا (قلت) وليس صريحا في الرد عليهم لكن التقدير بالامداد محتاج إلى دليل فان ثبت حملت الكفاية في حديث الباب على القدر
(٤٤٥)