وافقه بعض الحنفية على هذا البحث وقال القياس بطلان الجميع لكن عملنا به في غير اللعان والحد استحسانا ومنهم من قال منعناه في اللعان والحد للشبهة لأنه يتعلق بالصريح كالقذف فلا يكتفى فيه بالإشارة لأنها غير صريحة وهذه عمدة من وافق الحنفية من الحنابلة وغيرهم ورده ابن التين بأن المسئلة مفروضة فيما إذا كانت الإشارة مفهمة افهاما واضحا لا يبقى معه ريبة ومن حجتهم أيضا أن القذف يتعلق بصريح الزنا دون معناه بدليل أن من قال لآخر وطئت وطأ حراما لم يكن قذفا لاحتمال أن يكون وطئ وطء شبهة فاعتقد القائل أنه حرام والإشارة لا يتضح بها التفصيل بين المعنيين ولذلك لا يجب الحد في التعريض وأجاب ابن القصار بالنقض عليهم بنفوذ القذف بغير اللسان العربي وهو ضعيف ونقض غيره بالقتل فإنه ينقسم إلى عمد وشبه عمد وخطا ويتميز بالإشارة وهو قوى واحتجوا أيضا بأن اللعان شهادة وشهادة الأخرس مردودة بالاجماع وتعقب بأن مالكا ذكر قبولها فلا اجماع وبأن اللعان عند الأكثر يمين كما سيأتي البحث فيه (قوله وكذلك الأصم يلاعن) أي إذا أشير إليه حتى فهم قال المهلب في أمره اشكال لكن قد يرتفع بترداد الإشارة إلى أن تفهم معرفة ذلك عنه (قلت) والاطلاع على معرفته بذلك سهل لأنه يعرف من نطقه (قوله وقال الشعبي وقتادة إذا قال أنت طالق فأشار بأصابعه تبين منه بإشارته) وصله ابن أبي شيبة بلفظ سئل الشعبي فقال سئل رجل مرة أطلقت امرأتك قال فأومأ بيده بأربع أصابع ولم يتكلم ففارق امرأته قال ابن التين معناه أنه عبر عما نواه من العدد بالإشارة فاعتدوا عليه بذلك (قوله وقال إبراهيم الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه) وصله ابن أبي شيبة بلفظه وأخرجه الأثرم عن ابن أبي شيبة كذلك وأخرجه عبد الرزاق بلفظ الرجل يكتب الطلاق ولا يلفظ به أنه كان يراه لازما ونقل ابن التين عن مالك أن الأخرس إذا كتب الطلاق أو نواه لزمه وقال الشافعي لا يكون طلاقا يعنى أن كلا منهما على انفراده لا يكون طلاقا أما لو جمعهما فان الشافعي يقول بالوقوع سواء كان ناطقا أم أخرس (قوله وقال حماد الأخرس والأصم ان قال برأسه جاز) هو حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة فكأن البخاري أراد الزام الكوفيين بقول شيخهم ولا يخفى أن محل الجواز حيث يسبق ما ينطبق عليه من الايماء بالرأس الجواب ثم ذكر المصنف في الباب خمسة أحاديث تتعلق بالإشارة أيضا * الحديث الأول منها حديث أنس في فضل دور الأنصار وقد تقدم شرحه في المناقب فإنه أورده هناك من وجه آخر عن أنس عن أبي أسيد الساعدي وأورده هنا عن أنس بغير واسطة والطريقان صحيحان وفى زيادة أنس هذه الإشارة وليست في روايته عن أبي أسيد وفى رواية عن أبي أسيد من الزيادة قصة لسعد بن عبادة كما تقدم والمقصود من الحديث هنا قوله ثم قال بيده فقبض أصابعه ثم بسطهن كالرامي بيده ففيه استعمال الإشارة المفهمة مقرونة بالنطق وقوله كالرامي بيده أي كالذي يكون بيده الشئ قد ضم أصابعه عليه ثم رماه فانتشرت * الثاني حديث سهل (قوله قال أبو حازم) كذا وقع عنده وأخرجه الإسماعيلي من وجهين عن سفيان بلفظ عن أبي حازم وصرح الحميدي عن سفيان بالتحديث فقال في روايته حدثنا أبو حازم أنه سمع سهلا أخرجه أبو نعيم (قوله كهذه من هذه أو كهاتين) شك من الراوي واقتصر الحميدي على قوله كهذه من هذه (قوله 2 وفرق وأشار سفيان بالسبابة) سيأتي شرحه مستوفى في كتاب الرقاق
(٣٨٨)