أو الخوف أذاعوا به إلى قوله يستنبطونه منهم قال فكنت أنا استنبط ذلك الامر والمعنى لو ردوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون هو المخبر به أو إلى أولي الأمر كأكابر الصحابة لعلموه لفهم المراد منه باستخراجهم بالفهم والتلطف ما يخفى عن غيرهم وعلى هذا فالمراد بالإذاعة قولهم واشاعتهم انه طلق نساءه بغير تحقق ولا تثبت حتى شفى عمر في الاطلاع على حقيقة ذلك وفى المراد بالمذاع وفى الآية أقوال أخرى ليس هذا موضع بسطها (قوله خابت حفصة وخسرت) انما خصها بالذكر لمكانتها منه لكونها بنته ولكونه كان قريب العهد بتحذيرها من وقوع ذلك ووقع في رواية عبيد بن حنين فقلت رغم أنف حفصة وعائشة وكأنه خصهما بالذكر لكونهما كانتا السبب في ذلك كما سيأتي بيانه (قوله قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون) بكسر الشين من يوشك أي يقرب وذلك لما كان تقدم له من أن مراجعتهن قد تفضى إلى الغضب المفضى إلى الفرقة (قوله فصليت صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية سماك دخلت المسجد فإذا الناس ينكثون الحصا ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب كذا في هذه الرواية وهو غلط بين فان نزول الحجاب كان في أول زواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش كما تقدم بيانه واضحا في تفسير سورة الأحزاب وهذه القصة كانت سبب نزول آية التخيير وكانت زينب بنت جحش فيمن خير وقد تقدم ذكر عمر لها في قوله ولا حسن زينب بنت جحش وسيأتى بعد ثمانية أبواب من طريق أبى الضحى عن ابن عباس قال أصبحنا يوما ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين فخرجت إلى المسجد فجاء عمر فصعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في غرفة له فذكر هذه القصة مختصرا فحضور ابن عباس ومشاهدته لذلك يقتضى تأخر هذه القصة عن الحجاب فان بين الحجاب وانتقال بن عباس إلى المدينة مع أبويه نحو أربع سنين لانهم قدموا بعد فتح مكة فآية التخيير على هذا نزلت سنة تسع لان الفتح كان سنة ثمان والحجاب كان سنة أربع أو خمس وهذا من رواية عكرمة بن عمار بالاسناد الذي خرج به مسلم أيضا قول أبي سفيان عندي أجمل العرب أم حبيبة أزوجكها قال نعم وأنكره الأئمة وبالغ ابن حزم في انكاره وأجابوا بتأويلات بعيدة ولم يتعرض لهذا الموضع وهو نظير ذلك الموضع والله الموفق وأحسن محامله عندي أن يكون الراوي لما رأى قول عمر انه دخل على عائشة ظن أن ذلك كان قبل الحجاب فجزم به لكن جوابه أنه لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب كما لا يلزم من وهم الراوي في لفظة من الحديث أن يطرح حديثه كله وقد وقع في هذه الرواية موضع آخر مشكل وهو قوله في آخر الحديث بعد قوله فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله عليه وسلم ونزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشى على الأرض ما يمسه بيده فقلت يا رسول الله انما كنت في الغرفة تسعا وعشرين فان ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عقب ما خاطبه عمر فيلزم منه أن يكون عمر تأخر كلامه معه تسعا وعشرين يوما وسياق غيره ظاهر في أنه تكلم معه في ذلك اليوم وكيف يمهل عمر تسعا وعشرين يوما لا يتكلم في ذلك وهو مصرح بأنه لم يصبر ساعة في المسجد حتى يقوم ويرجع إلى الغرفة ويستأذن ولكن تأويل هذا سهل وهو أن يحمل قوله فنزل أي بعد أن مضت المدة ويستفاد منه أنه كان يتردد إلى النبي صلى
(٢٤٩)