غايته أن يكون خلاف الأولى ولا يلزم من كون أصل الحيوان حل أكله فناؤه بالاكل وأما قول بعض المانعين لو كانت حلالا لجازت الأضحية بها فمنتقض بحيوان البر فإنه مأكول ولم تشرع الأضحية به ولعل السبب في كون الخيل لا تشرع الأضحية بها استبقاؤها لأنه لو شرع فيها جميع ما جاز في غيرها لفاتت المنفعة بها في أهم الأشياء منها وهو الجهاد وذكر الطحاوي وأبو بكر الرازي وأبو محمد بن حزم من طريق عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال قال الطحاوي وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار (قلت) لا سيما في يحيى بن أبي كثير فان عكرمة وإن كان مختلفا في توثيقه فقد أخرج له مسلم لكن انما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير وقد قال يحيى ابن سعيد القطان أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة وقال البخاري حديثه عن يحيى مضطرب وقال النسائي ليس به بأس الا في يحيى وقال أحمد حديثه عن غير اياس بن سلمة مضطرب وهذا أشد مما قبله ودخل في عمومه يحيى بن أبي كثير أيضا وعلى تقدير صحة هذه الطريق فقد اختلف على عكرمة فيها فان الحديث عند أحمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر وعلى تقدير أن يكون الذي زاده حفظه فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل والحمر في الحكم أظهر اتصالا وأتقن رجالا وأكثر عددا وأعل بعض الحنفية حديث جابر بما نقله عن ابن إسحاق أنه لم يشهد خيبر وليس بعلة لان غايته أن يكون مرسل صحابي ومن حجج من منع أكل الخيل حديث خالد بن الوليد المخرج في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل وتعقب بأنه شاذ منكر لان في سياقه أنه شهد خيبر وهو خطأ فإنه لم يسلم الا بعدها على الصحيح والذي جزم به الأكثر أن اسلامه كان سنة الفتح والعمدة في ذلك على ما قال مصعب الزبيري وهو أعلم الناس بقريش قال كتب الوليد بن الوليد إلى خالد حين فر من مكة في عمرة القضية حتى لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فذكر القصة في سبب اسلام خالد وكانت عمرة القضية بعد خيبر جزما وأعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا لكن قد أخرج الطبري من طريق يحيى بن أبي كثير عن رجل من أهل حمص قال كنا مع خالد فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية خيلها وبغالها وأعل بتدليس يحيى وابهام الرجل وادعى أبو داود أن حديث خالد بن الوليد منسوخ ولم يبين ناسخه وكذا قال النسائي الأحاديث في الإباحة أصح وهذا ان صح كان منسوخا وكأنه لما تعارض عنده الخبران ورأى في حديث خالد نهى وفى حديث جابر أذن حمل الاذن على نسخ التحريم وفيه نظر لأنه لا يلزم من كون النهى سابقا على الاذن أن يكون اسلام خالد سابقا على فتح خيبر والأكثر على خلافه والنسخ لا يثبت بالاحتمال وقد قرر الحازمي النسخ بعد أن ذكر حديث خالد وقال هو شامي المخرج جاء من غير وجه بما ورد في حديث جابر من رخص وأذن لأنه من ذلك يظهر أن المنع كان سابقا والاذن متأخرا فيتعين المصير إليه قال ولو لم ترد هذه اللفظة لكانت دعوى النسخ مردودة لعدم معرفة التاريخ اه وليس في لفظ رخص وأذن ما يتعين معه المصير إلى النسخ بل الذي يظهر أن الحكم في الخيل والبغال والحمير كان على البراءة الأصلية فلما نهاهم الشارع يوم خيبر عن الحمر والبغال خشى أن يظنوا أن الخيل كذلك لشبهها بها فأذن في أكلها دون الحمير والبغال والراجح أن الأشياء قبل بيان حكمها
(٥٦١)