طهارته وحله يتعدى إلى غيره كالملح حتى يصير الحرام النجس بإضافتها إليه طاهرا حلالا وهذا رأى من يجوز تحليل الخمر وهو قول أبى الدرداء وجماعة وقال ابن الأثير في النهاية استعار الذبح للاحلال فكأنه يقول كما أن الذبح يحل أكل المذبوحة دون الميتة فكذلك هذه الأشياء إذا وضعت في الخمر قامت مقام الذبح فأحلتها وقال البيضاوي يريد انها حلت بالحوت المطروح فيها وطبخها بالشمس فكان ذلك كالذكاة للحيوان وقال غيره معنى ذبحتها أبطلت فعلها وذكر الحاكم في النوع العشرين من علوم الحديث من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أبي بكر ابن عبد الرحمن أنه سمع عثمان بن عفان يقول اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث قال ابن شهاب في هذا الحديث أن لا خير في الخمر وانها إذا أفسدت لا خير فيها حتى يكون الله هو الذي يفسدها فيطيب حينئذ الخل قال ابن وهب وسمعت مالكا يقول سمعت ابن شهاب يسأل عن خمر جعلت في قلة وجعل معها ملح وأخلاط كثيرة ثم تجعل في الشمس حتى تعود مريا فقال ابن شهاب شهدت قبيصة ينهى أن يجعل الخمر مريا إذا أخذ وهو خمر (قلت) وقبيصة من كبار التابعين وأبوه صحابي وولد هو في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فذكر في الصحابة لذلك وهذا يعارض أثر أبى الدرداء المذكور ويفسر المراد به والنينان بنونين الأولى مكسورة بينهما تحتانية ساكنة جمع نون وهو الحوت والمرى بضم الميم وسكون الراء بعدها تحتانية وضبط في النهاية تبعا للصحاح بتشديد الراء نسبة إلى المر وهو الطعم المشهور وجزم الشيخ محى الدين بالأول ونقل الجواليقي في لحن العامة انهم يحركون الراء والأصل بسكونها ثم ذكر المصنف حديث جابر في قصة جيش الخبط من طريقين * إحداهما رواية ابن جريج أخبرني عمرو وهو ابن دينار أنه سمع جابرا وقد تقدم بسنده ومتنه في المغازي وزاد هناك عن أبي الزبير عن جابر وتقدمت مشروحة مع شرح سائر الحديث الطريق الثانية رواية سفيان عن عمرو بن دينار أيضا وفيه من الزيادة وكان فينا رجل نحر ثلاث جزائر ثم ثلاث جزائر ثم نهاه أبو عبيدة وهذا الرجل هو قيس بن سعد بن عبادة كما تقدم ايضاحه في المغازي وكان اشترى الجزر من اعرابى جهني كل جزور بوسق من تمر يوفيه إياه بالمدينة فلما رأى عمر ذلك وكان في ذلك الجيش سأل أبا عبيدة أن ينهى قيسا عن النحر فعزم عليه أبو عبيدة أن ينتهى عن ذلك فأطاعه وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك هناك أيضا والمراد بقوله جزائر جمع جزور وفيه نظر فان جزائر جمع جزيرة والجزور انما يجمع على جزر بضمتين فلعله جمع الجمع والغرض من ايراده هنا قصة الحوت فإنه يستفاد منها جواز أكل ميتة البحر لتصريحه في الحديث بقوله فألقى البحر حوتا ميتا لم ير مثله يقال له العنبر وتقدم في المغازي أن في بعض طرقه في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منه وبهذا تتم الدلالة والا فمجرد أكل الصحابة منه وهم في حالة المجاعة قد يقال إنه للاضطرار ولا سيما وفيه قول أبى عبيدة ميتة ثم قال لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا وهذه رواية أبى الزبير عن جابر عند مسلم وتقدمت للمصنف في المغازي من هذا الوجه لكن قال قال أبو عبيدة كلوا ولم يذكر بقيته وحاصل قول أبى عبيدة أنه بناه أولا على عموم تحريم الميتة ثم تذكر تخصيص المضطر بإباحة أكلها إذا كان غير باغ ولا عاد وهم بهذه الصفة لانهم في سبيل الله وفى طاعة رسوله وقد تبين من آخر الحديث أن جهة كونها حلالا ليست سبب الاضطرار بل كونها من صيد البحر ففي آخره
(٥٣٢)